بالقرب من العاصمة الإندونيسية جاكارتا تربع منزلٌ مزودٌ بزحلوقةٍ إسمنتيةٍ تصل المطبخ بغرفة نوم الأولاد من تصميم المعماري الإندونيسي Aboday, حيث يعتبر هذا المنزل جزءاً من مجمع سكني مؤلف من 120مسكن.
لدى دخولنا في تفاصيل التصميم, نجد أن المنزل يتمتع بخطةٍ تصميميةٍ داخليةٍ مفتوحة، باستثناء غرف النوم الثلاثة المغلقة, كما تسيطر الألوان البيضاء والرمادية على الجدران والأسقف الإسمنتية المغسولة.
وهنا بعض التفاصيل من معماري المشروع شخصياً:
بسبب وجيبة المنزل زاوية الشكل جاء المبنى بمساحة 150 متراً مربعاً فقط من المساحة الإجمالية لرقعة الأرض التي تبلغ 320 متراً مربعاً, كما يبدو منظر المبنى العام واضحاً ومحاكياً الأسقف المائلة للمنازل المجاورة.
فيما يتعلق بالمواد المستخدمة فمعظمها من الإسمنت المسلح المكشوف الذي يمثل مادة البناء الأساسية, تخللها شقوق ونوافذ زجاجية مفتوحة على الطريق العام. وبشكلٍ عام يبدو المبنى متوجهاً داخلياً ومزوداً بالكثير من الجدران العمودية الخضراء, التي بدورها تعطيه لمسة ودودة, تناقض شكله الجدي الرصين.
وعن قاطني المنزل، فهم عائلة من ثلاث أجيال, والملك هنا هو طفلٌ في الخامسة من العمر يعتقد أن الحياة بأكملها قد خُلقت للعب, لذلك وانطلاقاً من نظرية الطفل جاء تصميم المبنى وتسميته, حيث تم حشر زحلوقةٍ إسمنتيةٍ نحتية في الزاوية بين كتلتي المبنى الرئيستين, وذلك تلبيةً لرغبة الطفل بالإنتقال عبرها بطريقةٍ غير تقليدية من غرفته الموجودة في الطابق الثاني إلى غرفة الطعام الموجودة في الطابق الأول.
والطريف هنا قيام هذا الطفل في بعض الأحيان بتغطية زحلوقته ببعض الأشياء البلاستيكية والملابس جاعلاً منها كهفاً سرياً.
من الجدير بالذكر أن أثناء عملية صب الإسمنت في الجدران والأسقف حصلت بعض الأخطاء التي نجم عنها حدوث آثار على السطوح، والتي تم تركها لتعطي بذلك أشكالاً زخرفية طبيعية داخل المنزل. أما عن سبب اختيار الاسمنت المسلح كمادة بناء فهو وببساطة بسبب نوعية الإسمنت المزدوجة؛ حيث يوفر للمبنى القوة والمتانة باعتباره عنصراً إنشائياً صلباً, في حين تخلق مرونته شداً مثيراً للاهتمام يثير مشاعر محددة في أماكن مختلفة من ناحية الشكل.
ولكن هنا علي أن أشير إلى أن استخدام مثل مادة البناء هذه, سواء في الجدران أو في السقف, قد خلق تحدياً فيما يخص المناخ المداري, لأنها وكما هو معروف تمتص هذه المادة الحرارة بسهولة. لذا جاء الحل باستخدام سقفٍ كبيرٍ بارتفاع عشرة أمتار, وتطبيق غشاءٍ مقاوم للحرارة على سطحه الخارجي, بالإضافة لترك جدارٍ خارجي مغطى بنباتات ذابلة ستنمو من جديد على السطح؛ الأمر الذي من شأنه أن يساعد على تخفيض الحرارة الداخلية المتجمعة.
أما وفي ما يخص التهوية والضوء الطبيعيين, فإنهما سيلعبان دوراً بسبب عدم وجود نظامٍ تكييفٍ للهواء في أي جزءٍ من أجزاء المنزل, حيث يعتمدان بشكلٍ كلي على الفتحات والنوافذ الموجودة بين الجدران والسقف, إضافةً لذلك تم تعليق سلسلةٍ من المراوح في السقف تحت السطح الإسمنتي باستخدام آلية من القضبان المعدنية. ولتوليد تيارٍ هوائيٍ متبدل في كل الأوقات، تم بناء بعض أجزاء الجدران بشكلٍ متباعدٍ بمقدار 40 سنتمتر، بحيث تمت تسمية هذا الجزء نافذة “المطر”, التي نتجت عن حشر حاجزٍ زجاجيٍّ ضمن الفراغ الطويل.
إذا ما خرجنا إلى حديقة المنزل، نجد أنها مزروعة بأشجارٍ كبيرة، لتأمين مساحاتٍ للظل الضروري خلال وقت محدد من النهار خاصةً في المساحات التي يمتد فيها زجاج النوافذ من السقف إلى الأرض، حيث جاء هذا الاقتراح بناءً على رغبة المالك عوضاً عن زراعتها بنباتات منخفضة الارتفاع.
وهكذا استطاعت الاستراتيجيات المتعددة ومنخفضة التكنولوجيا تقديم حلٍّ بسيطٍ للكثير من المشكلات التي تحدث عادة نتيجة للاستخدام الواسع للمواد الإسمنتية.