وحش عالم الاتصالات يجتاح البرتغال بهندسةٍ غير منتظمة

1

وحش كبير في عالم الاتصالات والآن في عالم التصميم المعماري، فهاهي شركة فودافون تكشف عن مقرها في مدينة بورتو في البرتغال، إذ طرحت الشركة وفي عام 2006 مسابقةً دعت فيها مجموعةً مؤلفةً من خمس شركات معمارية برتغالية لنعرض عليكم اليوم تصميم شركة Barbosa & Guimarães التي كان لها شرف الفوز بالمسابقة لتصمم مقر فودافون، بعد أن كانت الأخيرة قد أنهت ومنذ أربع سنوات مقراً لها في لشبونة.

أرادت فودافون في مقرها الجديد أن تنشئ مبنىً يكون التركيز الأساسي فيه محصور في جانبٍ واحد، وهو العاملين. وهكذا جاء البرنامج الوظيفي ليتضمن مناطق مكاتب ومتاجر ضخمة، بالإضافة إلى قاعات استماع ومقهى وغرف تدريب، إلى جانب المستودعات والمناطق التقنية ومصفات السيارات.

يقع المبنى في موقعٍ تبلغ مساحته 1970 متر مربع في مواجهة جادة تطل عليه من الجهة الشمالية وحديقةٍ تطل عليه من الجهة الجنوبية تحتضن مجموعةً من الأشجار النادرة التي تمت حمايتها والمحافظة عليها. ويطل المبنى على الجادة المقابلة له بارتفاعٍ يتراوح بين ثلاثة وخمسة طوابق فوق القاعدة، ليتناسب بذلك مع الأبنية ذات الارتفاعات الكبيرة المجاورة.

ومع مسافةٍ مناسبةٍ تفصله عن المباني المجاورة من جهة الغرب يظهر المشروع كنصبٍ مستقلٍ يخلق منظراً خلاباً مطلاً على الحدائق الواقعة ضمن المجمع. كما يعكس المبنى بكتلته غير المنتظمة والهائلة فكرة وإحساس الحركة الذي تؤكد عليها سياسة فودافون، حيث ترتبط جدران البناء مع سقفه بهندسةٍ غير منتظمةٍ ومقسمة بما يتناسب مع ما يجاور البناء من مباني مسيطرة عند كلٍ من الجهتين الشرقية الغربية.

هنا تجدر بنا الإشارة إلى أن البناء قد تم تنظيمه عمودياً وفق ثمانية طوابق، خمسة فوق الأرض وثلاثة تحتها. حيث تشغل ردهة الدخول والمتاجر الضخمة، وقاعة الاستماع إلى جانب المقهى الطابق الأرضي الذي يتضمن أيضاً ثلاثة مداخل مباشرة من الجادة التي يطل عليها البناء. وقد تم ربط قاعة الاستماع والمقهى بالحديقة عن طريق ساحةٍ خلفيةٍ وعددٍ من الأدراج. في حين امتدت المتاجر الضخمة على طابقين كاملين، لتشغل الطوابق العلوية الأربعة اللاحقة مساحات المكاتب المفتوحة بالإضافة إلى دورتي مياه وغرفة منافعٍ في كل واحدةٍ منهما.

وطبعاً في مشروعٍ على هذا القدر من الروعة لن تكتمل الجمالية إلا بأشعة الشمس الطبيعية وتغلغلها في المكاتب عن طريق النوافذ المثبتة على طول الواجهتين الشمالية والجنوبية. كما سيتمكن عمال الشركة من الاستمتاع بأشعة الشمس المباشرة بمجرد الخروج إلى المساحاتين الخارجيتين المتوضعتين في الطابق الثالث واللتين تحظيان بمخارج حرة.

وبالنسبة للطوابق السفلية، فتحتل غرف التدريب الطابق السفلي الأول بالإضافة إلى المناطق المجاورة للمتاجر، في حين تحتل المستودعات والمناطق التقنية ما تبقى من المساحة، ليحتضن ختاماً الطابقان السفليان اللاحقان مصفات السيارات.

فيما يخص المداخل العمودية والمصاعد والأدراج فتقع جميعها عند أطراف المبنى وحوافه. في حين تتركز وتتوزع في مركز البناء موزعات الحركة الكبيرة مرتبطةً بشكلٍ مباشر مع ردهات جميع الطوابق والمدخل الرئيسي وغرف التدريب ونهايةً مصفات السيارات.

وإذا ما تبادر لأذهانكم سبب رغبة الشركة المصممة بإقحام ساحة خلفية ومساحة حديقة في الجهة الجنوبية، فنخبركم بأن ذلك قد كان بهدف تحرير الواجهة الجنوبية عند الطابق الأرضي، لينفتح المجال أمام منافذ الضوء لإدخال أكبر قدرٍ ممكنٍ من أشعة الشمس إلى قاعة الاستماع والمقهى.

وبالحديث عن المشروع من الناحية الإنشائية، نحيطم علماً أنه قد تم تأسيس البناء على أساس إسمنتيٍّ مسلحٍ بالكامل، مع ألواح صلبة تدعمها الجدران والمراكز وبعض الأعمدة. وبالنسبة للكتلة الإنشائية المصنوعة من الإسمنت الأبيض في الواجهتين الشمالية والجنوبية والمحيطة للمبنى فقد تم إنشاؤها كلياً في موقع العمل بالاستعانة بهيكلٍ من الخشب المعاكس.

أما عن الجدران الخارجية فقد تم إكساؤها داخلياً بألواح الجص لتشكل صناديق هوائية عازلة للحرارة، وذلك بأبعادٍ حسب الطلب لتسمح بمرور المعدات. وبالوصول أخيراً إلى السقف نشير إلى أنه قد تم تصنيعه باستخدام ألواحٍ بيضاء مسبقة الصنع عازلة للحرارة والمياه.

وفي الداخل تم تشطيب الفراغ الداخلي بالإسمنت والرخام والألواح الجصية. في حين تم تصنيع أطر النوافذ الخارجية من الستينليس ستيل والألمنيوم، بينما جاءت الجهة الداخلية منها بتشطيباتٍ من الستينليس ستيل والخشب، ليكون الناتج تحفة معمارية فنية من الداخل والخارج.

ترجمة وتحرير مي الصابوني

إقرأ ايضًا