في مدرج Saint Cyprien..أنت تماماً في قلب الحدث

0

“لطالما كانت الأشجار مصدراً للإيحاء بالنسبة لي، إنها هياكل معقدة تنبع من قواعد بسيطة، فهي تنمو على نحوٍ متماسك مستمرٍ من ناحية الوقت والحجم، وتعتمد فعالية هذه الهياكل على مفاهيم تتعلق بالتكرار والتفاضل على عكس المفاهيم الهندسية الحديثة مثل التكرار والمثالية الحديثة.”

هكذا قام المعماري David Serero بشرح التقنية التي اتبعها أثناء تصميمه لمدرج Saint Cyprien الجديد في فرنسا، حيث يقع هذا المدرج وسط حديقةٍ عامةٍ ليتداخل الداخل من هذا الصرح مع المحيط الخارجي بهدف خلق جوٍ باردٍ نوعاً ما وأكثر لطافةً.

فبوحيٍ من البيئة الطبيعية تم تصميم صرح Saint Cyprien وبالأخص من قمم الأشجار وظلال شجر الجميز والأكاسيا والبلوط والحور الموجودة بكثرة في المكان، حيث قامت الشركة المصممة Serero architects بابتكار مستند إلكتروني أدى إلى إنتاج تصميمٍ للواجهة يحتوي عناصر غير مسبوقة وغير قياسية.

فسقف المبنى على سبيل المثال، وعلى الرغم من المظهر الخارجي الغير مألوف، فقد تم تصميمه تبعاً لقواعد هندسية بسيطة، الأمر الذي يسمح بظهور الاختلاف بين أشكال الأجزاء التي يتألف منها التصميم، فزائر مدرج Saint Cyprien الجديد لا يستطيع أن ينظر عليه على أنه بقعة منفصلة عن الحديقة المحيطة، فهو عبارة عن مساحة مفتوحة تكمل الإيقاع التي تعزفه الأشجار الموجودة في الحديقة، وتقوم بدمج الخارج الساحر مع داخل المبنى.

أما بالنظر إلى هيكل المبنى فقد تم إنشاؤه باستخدام الاسمنت المدعم وبوحيٍ من ظلال أوراق هذه النباتات، بحيث يشعر الناظر إليه بأنه ينظر إلى إحدى أوراق النباتات الموجودة بكثرة هنا ولكن مطرزة بالثقوب البيضاوية، وبينما يبدو الهيكل الإضافي المطرز كمظلةٍ كبيرة للشمس، والتي تقوم بحماية الردهة والمدرج من أشعة الشمس، يقوم الهيكل الداخلي المصنوع من الزجاج والاسمنت بتعديل والتحكم بمعدلات الحرارة والتهوية، إنها أشبه ما تكون “بالحصاة” وقد تم وضعها تحت “أوراق النباتات” والتي سوف يقوم الزوار بإتباعها للدخول إلى قاعة المحاضرات.

وبالحديث عن المظلة “الذكية”، والتي تغلف قاعة الأداء المسرحي وكأنها بشرةٌ حقيقية لجسمٍ ما، فهي تقوم بتعديل الجو العام في الغرفة، كما تقوم بإضاءة داخل المدرج، وفي نهاية اليوم تقوم المصابيح الموجودة على جانبي المساحات الدائرية بتعويض الإضاءة الخفيفة حتى تشرق على المدرج الشمس من جديد، وتقوم هذه المظلة أيضاً بتهوية المبنى خلال فصل الصيف بطريقةٍ كامنة، وبتدفئته في الشتاء، وبالنظر إلى السقف وعلى الجهة الجنوبية، نلاحظ وجود ألواح ضوئية تعمل على توليد جزء لا بأس به من الطاقة الكهربائية الضرورية للمبنى على نحوٍ قابلٍ للتجديد، وأخيراً تقوم هذه المظلة المطرزة فوق المدخل بإعطاء المدرج هويته الخاصة المميزة من خلال المساحات الدائرية الإسمنتية والألواح الشفافة الشبيهة بقرص العسل.

أما بالانتقال إلى داخل المدرج، فقد تم تصميمه ليؤمن أفضل نوعيةٍ من المؤثرات الصوتية والبصرية، وذلك من خلال الجدران الداخلية المصنوعة من الشرائح الخشبية والتجهيزات الصوتية الخاصة بالمدرج وقاعة السينما بهدف تأمين الصوت المثالي أثناء تقديم العروض، كما تم تصميم السقف الهندسي على نحوٍ يسمح بتوزيع الصوت ليصل إلى آذان الحضور بالتساوي.

أما ولتأمين جوٍ من الحميمية والألفة بين الحضور الكرام خلال العروض المسرحية، فقد تم تقسيم المدرج إلى سبعة مناطق للجلوس بأحجامٍ مختلفةٍ، حيث سمحت هذه التقنية بجعل المكان أكثر تنظيماً، وجعل إضاءته تتناسب والحدث الحاصل.

وأخيراً فقد حاول المصممون جعل مقاعد الحضور قريبة ما أمكن للمنصة ليتمتع المشاهد بالنظام الصوتي المميز والذي يتألف من أصوات مباشرة وانعكاسية رائعة، إلى جانب مستوى المشاهدة العالي كون هذه المقاعد قريبة جداً من الحدث.

إقرأ ايضًا