ساحة البراحة وتعريفٌ جديد للعمارة القطرية المحلية

0

إنها جوهرة دوحة لاند في مشروعها التطويري “مشيرب” البالغة كلفته خمس مليارات ونصف دولار أمريكي، إنها ساحة البراحة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان تصميم هذه المساحة المدنية الجديدة من نصيب شركة موسيسيان وشركاه البريطانية ومقرها لندن, والتي حظت بفضل هذه الساحة على جائزتين من جوائز MIPIM التي تعتبر من أهم الجوائز المقدمة في مجال العقارات عالمياً.

إذ مُنحت الجائزتان عن فئة التصميم مختلط الاستخدام، وفئة أفضل تصميم عمراني، وذلك مع العلم أن رابح عام 2010 قد كان المعماري الفرنسي جان نوفل عن مشروعه “تغيير واحد جديد” أو One New Change في لندن، لتتضمن قائمة الرابحين الأسبق أسماء عالمية فذة؛ أمثال السير نورمان فوستر عن مقر شركة Swiss Re في لندن أيضاً.

وتعليقاً على الجائزة، صرّح الرئيس التنفيذي لشركة دوحة لاند، المهندس عيسى بن محمد المهندي، عن إعجابه بالتصميم المعماري الذي قدّمته موسسيان وشركاه ضمن مشروع مشيرب، حيث يعتبر تصميماً فريداً ومتميزاً للغاية، كما عبّر عن سعادته العارمة التي يتشاطرها مع الشركة المصممة بمناسبة فوزهم بهذه الجائزة المرموقة.

فمثل هذا الإنجاز، وعلى حد تعبير المهندي، يعزز الموقع الرائد الذي تحتله دوحة لاند في مجال التطوير العمراني على المستوى العالمي، كما يمثل دليلاً على التزامها بالتعاون مع نخبة من الشركاء المرموقين.

أما عن لجنة التحكيم ورأيها بساحة البراحة فقد كان لها الكلمات التالية: يمثل هذا العنصر المركزي في مشروعٍ صخمٍ كهذا محاولةً هامةً لخلق عمارة محلية معاصرة في منطقة الخليج، حيث يدمج المساحة العامة مع التظليل الواسع ضمن نطاقٍ يشمل كافة جوانب الحياة اليومية.

فمشروع مشيرب هو مشروعٌ هائل الحجم، يمتد على مساحة 35 هكتاراً، يهدف من خلالها إلى إحياء وتجديد القلب التاريخي لعاصمة دولة قطر، إلى جانب إعادة خلق طريقة الحياة المتأصلة في الثقافة القطرية، وجذب سكان قطر مجدداً إلى مركز المدينة معاكساً بذلك تأُثير موجة اللامركزية التي باتت منتشرةً بكثرة في المدن الحديثة.

وهنا تجدر بنا الاشارة إلى أن شركة موسسيان وشركاه هي واحدة من أربع شركات مسؤولة عن تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع مشيرب، الذي من المقرر أن يكتمل في عام 2016، ليضم برنامجاً متعدد الاستخدامات، يحتضن في جنباته ما يزيد عن مئة مبنى تستخدم كمرافق سكنية وتجارية إلى جانب مرافق البيع بالتجزئة وأخرى ترفيهية.

وبالنسبة لساحة البراحة فتمتد على مساحة 65 ألف متر مربع، ويضم تصميمها تسع مبانٍ سكنية وتجارية ومتعددة الاستخدامات ومحلات تطوّق ساحةً عامةً رئيسة في قلب مشروع مشيرب. حيث سيكون لهذه الساحة دورها الهام كغرفةٍ عمرانية تهدف لتطوير رؤية عمرانية للمجلس، هذا بالإضافة إلى دورها في تنمية التواصل والتفاعل والتكامل ما بين المجتمعات السكنية.

ولا يمكننا التطرق للحديث عن الساحة دون ذكر أرضيتها المغطاة بالسجاد، والمكسية ببلاطات رصف ذهبية اللون تعكس غنى ودفء الأجواء الداخلية التقليدية، وتضيء في نفس الوقت واجهات الأبنية المحيطة، التي تتميز جميعها بطابعٍ معماريٍّ قطريٍّ محليٍّ يساعد على تحديد وتعريف الإرث المعماري القطري الجديد.

بكل تأكيد يحمل مشروع بهذا القدر من الفخامة ملامح الاستدامة، إذ يهدف مشروع مشيرب، حسبما ذًكر في موقع دوحة لاند الرسمي، إلى تحقيق نمط حياة مغاير لنمط التوسع العمراني الحالي الذي يعتمد على التنقل بالسيارات والذي يميز كثيراً من مدن العالم، وذلك من خلال اعتماد أسلوب مستدام ومعاصر. حيث يهدف مخطط المشروع إلى تحقيق معايير شهادة LEED الذهبية، ما يجعله أول مشروع تجديد وتطوير عمراني مستدام لوسط المدينة على مستوى العالم.

ففي دولة كقطر، حيث الشمس قوية والمناخ حار وقاسٍ، كان للتظليل الشمسي دور الريادة في التصميم إلى جانب مهمة تعديل المناخ من خلال الارتباط مع الطبيعة بكافة عناصرها؛ كالشمس والهواء.

لذا جاء مشروع مشيرب بكثافةٍ عالية وشوارع طويلة وضيقة، حيث كانت مهمة تصميم الشوارع أيضاً من نصيب شركة موسسيان، بما في ذلك من حساب المسافات بين الأبنية بدقة، ونحت الفراغات والفجوات في الشوارع.

وبالنسبة لتظليل المباني نفسها، فقد كان للشركة المصممة مقاربة خاصة، طبقتها من خلال الاعتماد على بروزات الأسقف العميقة والستائر التزينية التي تخط المباني وتخلق تظليلاً فعالاً على مدى أيام السنة، زد على ذلك استخدام الكتلة الحرارية لكسوة المباني كخزاناتٍ حرارية تساعد على تعديل التقلبات الشديدة في درجات الحرارة التي تمتاز بها المنطقة.

وهكذا تعمل جميع هذه الاستراتيجيات سويةً لخلق نظامٍ بيئي يؤمن مستوىً عالٍ من الراحة الحرارية بطريقةٍ فعالةٍ وصديقة للبيئة في نفس الوقت.

فبلا أي شك، يمثل مشروع مشيرب دوحة لاند معلماً معمارياً مستداماً في منطقة الخليج، من خلال إعادة تطويره لمركز المدينة بطرازٍ معماريٍّ محليٍّ يحمل ملامح العمارة القطرية والعمرانية بأسلوبٍ مستدامٍ معاصرٍ للغاية.

إقرأ ايضًا