لطالما اشتهرت شركة بيرسي كونر المعمارية البريطانية بأفكارها الجريئة التي تجمع ما بين دقة التصميم والجدوى التجارية في قالبٍ معماري فعال وأنيق، فلطالما استطاعت الشركة تقديم حلولٍ بسيطة وعملية ذات هوية مؤثرة لا تخلو من الملامح الجمالية، وذلك بإجراء العديد من الدراسات والتحليلات لتحديد طبيعة وطابع الموقع، ومن ثم تطوير مبادئ التصميم لكل مشروعٍ على حدة، فالاستدامة ليست مجرد إضافة أو زينة، بل هي جزءٌ لا يتجزأ من مباني بيرسي كونر… إنها المحرّك لاحتضان الإبداع في البناء.
وللراغبين في التعرف أكثر عن هذه الشركة، نطلعكم هنا على بعضٍ من أهم مشاريعها من مختلف أنحاء العالم:
بدايةً مع برج Martello Tower Y في مقاطعة سوفولك في انكلترا لحساب دنكن وكريستين جاكسون، وفيه استطاع فريق العمل تحويل برج الدفاع النابليوني الذي بني في 1808 إلى مقرٍ سكني معاصر، وقد واجه التصميم بوقوعه في منطقةٍ بجمال طبيعي مذهل في انكلترا العديد من التحديات، ولكنه استطاع في النهاية أن ينال دعم منظمة المحافظة على المعالم الأثرية الإنجليزية كنموذجٍ ناجح لكيفية تحويل المباني التاريخية الهامة، يُذكر أن هذا البرج قد تم بالتعاون مع شركة بيلنغكس جاكسون للتصميم.
أما مشروع Nessel فمن المقرر أن يُبنى عام 2012 كمحاولةٍ لتحديث وإعادة تصنيف كرفانات العطل لحساب مجموعة Carlyle القابضة، التي قامت بتكليف فريق العمل في الشركة لإعادة تصميم إحدى الكرفانات من الألف إلى الياء، على أن تضم معايير الحياة العصرية مع إيلاء اهتمام خاص للتصميم والقضايا البيئية، وبالتالي تحفيز الأفراد للقدوم مرة ثانية والتعرف على جيلٍ جديد من الكرفانات، التي جاءت بوحيٍ من أكواخ الريف البريطاني التي انتشرت في الحقبة الأنجلو ساكسونية.
وقد اختار فريق عمل الشركة هذه الأكواخ دوناً عن غيرها لقدرتها على استيعاب هذا النشاط ولتعريف الناس على مساكن المناطق الريفية، حيث تشتهر أكواخ الريف البريطاني بوجود مساحة معيشة كبيرة وباستخدامها للارتفاع الكامل للكوخ، ناهيك عن المساحات الحميمية وميزة النوم على السطح.
نأتي الآن على المشروع الثالث، والذي يمكن طرحه تحت عنوان “المرونة تساوي الاستدامة”؛ حيث الوحدات الفولاذية تقوم بتوحيد آخر صرعات الأنظمة البيئية والتقنية في هذا المسكن الهندي الأكثر من مميز، فقد اختارت شركة Tata Steel الرائدة في تصنيع الفولاذ بالاشتراك مع مجموعة Bengal Shrachi السكنية أن يضم هذا التصميم في مدينة كلكتا، وعلى قدم المساواة، التقاليد المحلية في قالبٍ معماري مفتوحٍ ومعبر إلى جانب أحدث التقنيات في مجال البناء.
في ظل ذلك، قدمت شركة Tata Steel كافة إمكانياتها في دعم هذا التصميم، وهي الاسم الأشهر في عالم تصنيع الفولاذ في الهند، حيث يظهر كل منزلٍ مطوقاً بتراساتٍ خاصة مكسوة بمصاريع فولاذية مثقبة، مما سمح بخلق نظام تكييفٍ طبيعي والتخفيف من استخدام الخدمات الميكانيكية التقليدية… فالاستدامة هي الحدث الأبرز في هذا المشروع.
وأخيراً وعلى الرغم من كونه لايزال في مرحلة التخطيط، فإن منزل الشجرة استطاع الحفاظ على العمارة المعاصرة لإحدى المنازل السكنية في منطقة كيو، وذلك بإقحام كتلةٍ فولاذية في هيكلٍ قرميدي من القرن التاسع عشر، مما ساهم بخلق حالة من التوازن بين منزل العائلة المعاصر واحتياجات المحمية في ظل حدائق كيو البريطانية، ويمكننا القول بأن هذا المنزل من أربع غرف نومٍ اعتمد على حدائق كيو الملكية المجاورة بشكلٍ كبير، ويظهر ذلك جلياً بالنظر إلى الكتلة الفولاذية المتآكلة في إشارةٍ إلى شكل الورقة المتساقطة من إحدى الأشجار الناضجة في تلك الحدائق.
أما من الخارج فتظهر هذه الأشكال الفولاذية المنقطة عصرية ومناسبة لأجواء المحمية في آنٍ واحد، في الوقت الذي قامت فيه الجدران القرميدية القديمة بالتخفيف من حدتها، وبذلك بات منزل الشجرة أنموذجاً للمباني العصرية في المنطقة التي تهدف إلى صيانةٍ منخفضة وانبعاثات كربونية أقل.