برجٌ جديدٌ في نيويورك يطرح مفهوم جديد

6

إن الظهور وإثبات الوجود في مدينةٍ كبيرةٍ مثل نيويورك لا يُعتبر أمراً سهلاً على الإطلاق، إلا أن برج Eleven Times Square (ساحة Eleven Times) من تصميم شركة FXFOWLE يحاول ذلك من خلال انخراطه وسط منهاتن وتفردُّه ببعض التفاصيل الصغيرة التي تزيّن تركيبته، حيث تكون أهمها تلك الواجهة الزجاجية العاكسة التي تلفت النظر إليه.

فكلما حاولنا تقييم هذا البرج المؤلف من 40 طابق في بيئته العمرانية المحيطة، نجد أنه شبه تائهٍ وسط طبقات “الغابة الإسمنتية”، ولولا الامتداد الكبير للزجاج العاكس على الواجهة الجنوبية، لكان من الممكن ألا يلاحظ المرء هذه الإضافة الحديثة على هذا الأفق العظيم.

في تناقضٍ مباشرٍ مع المباني المكتبية “المبنية لتكون مناسبة” في نيويورك، اتخذت الشركة المصممة قرارها الواعي في ابتكار “تصميمٍ واحدٍ يناسب الجميع”، حيث تأتي أبعاده وتموضع مركزه وتصميمه الإنشائي مع قليلٍ من الأعمدة الداخلية على أمل جذب الشركات التجارية التي تبحث عن تنظيمٍ مكتبيٍّ محيطٍ أو تصميمٍ بخطةٍ مفتوحةٍ.

بالإضافة إلى هذا، أخذت الشركة أقصى ضمانات الأمان بعين الاعتبار في هذه البيئة العمرانية التي تبعت أحداث 11 أيلول، مع مركزٍ إسمنتي لحماية المَخرَج الهام والمصاعد وسلالم الطوارئ الضخمة والسلالم المتصلة داخلياً مع نقاط الخروج البعيدة المعززة والمستقلة، هذا بالإضافة إلى أهمية تقوية الواجهة والتركيبة الإنشائية.

هذا ويمكن تقسيم الكتلة الأساسية للمبنى إلى ثلاثة عناصر منفصلة ولكن متصلة داخلياً، هي: قاعدة بستة طوابق تلفّ زاوية شارعي 42nd و Eighth Avenue الطريق الثامن، وتركيبة كريستال المكسوَّة بالزجاج والمنحدرة ظاهرياً نحو الخارج لتشكل بوابةً إلى ممر شارع 42nd، وأخيراً درعٌ من أربعين طابقاً يحاكي شارع Eighth Avenue وشارع 41st Street لتثبيت التركيب.

على الرغم من أن برج Eleven Times Square قد لن يكون قادراً على التفوق على منافسيه في مدينة نيويورك فيما يتعلق بالارتفاع، ولكن هذه الكتلة الممتدة على مساحة 1,000,000 متر مربع قد استفادت كثيراً من نموذج تقسيم مناطق منهاتن، حيث يستدق طرف المباني تدريجياً كلما ارتفعت نحو الأعلى.

نظراً لهذه الظروف ومن أجل الظهور بين زحمة المباني الشاهقة، تقوم منصةٌ ممتدة على ست طوابق تنتهي بتراجعٍ عميق بدعم جزء “الكريستالة” الممتد على أربعين طابقاً من المبنى، والذي ينحدر كثيراً إلى الخارج باتجاه خط الشارع بينما يتقدم باتجاه الأعلى.

وعلى غير العادة، يتميز هذا البرج المكتبي الحديث بخاصياتٍ مختلفةٍ على واجهاته الشمالية والجنوبية. فمن المنظور الجنوبي المتعرض لكثافةٍ أكبر من ضوء الشمس وحرارتها، تمتد المظلات الشمسية المصنوعة من الزجاج العاكس والألمنيوم المخرَّم على الواجهة، لتلتقط ضوء الشمس وتقلل الوهج والكسب الحراريين.

من جهةٍ أخرى، وفي تناقضٍ مباشرٍ آخر، يتم تشكيل الأسطح المواجهة للشمال من جدارٍ مستعارٍ مقطَّعٍ وواسعٍ, حيث لا تمتلك هذه الجهة عالية العزل والمصقولة إنشائياً أية أغطيةٍ تقسيميَّة خارجية، مما يمنع فقدان الحرارة عند نقاط النقل. عوضاً عن ذلك، تم استخدام حواجز فاصلة من الفولاذ الصلب بدلاً من الألمنيوم في الوحدات الزجاجية المملوءة بغاز الأرغون في محاولةٍ لزيادة الخواص العازلة للجدار.

لقول الحق، نقر بأن هذا البرج قد تمكن من كسر المبدأ الذي يقول بأن الحجم والارتفاع هما الأهم، فقد تمكن بارتفاعٍ أقل من مباني محيطه وبحجمٍ أقل منها أيضاً أن يلفت الأنظار إليه باتباع وسائل جديدة، تتمثل هنا في استخدام الزجاج العاكس.

إقرأ ايضًا