كتابٌ يرصد تحركات العمارة المعاصرة في لوس أنجلوس

4

صدر مؤخراً كتابٌ جديدٌ بعنوان A5 Los Angeles: Architecture, Interiors, Lifestyle حول العمارة المعاصرة وأهم صيحاتها في مدينةٍ تستحق كتاباً من هذا النوع. إذ يقوم هذا الكتاب، الذي يبدو من خلال عنوانه أنه يتناول العمارة والتصاميم الداخلية وأساليب الحياة في لوس آنجلوس، بتصنيف 22 واحدة من أهم شركات مدينة لوس أنجلوس ويعرض بوضوح أحدث مشاريعها. وقد جاء هذا العمل نتيجة التعاون بين المعماري الألماني Casey Mathewson والصحفية المعمارية Frances Anderton، حيث أجرت الأخيرة تقصياً شاملاً حول المكان الذي تستقر فيه لوس أنجلوس الآن والمستقبل الذي ينتظرها.

هنا لابد لنا من أن نشير إلى أن هذا الكتاب هو الأول ضمن سلسلةٍ ستتناول عواصم العمارة العالمية المبنية في السنوات الخمس الأخيرة، فانطلاقاً من هذه الفكرة قد أتى اسم الكتاب “A5”.

علاوةً على هذا، يقدم هذا الكتاب الذي قامت المصممة العاملة في لوس أنجلوس Ann Videriksen بتحريره، صوراً وتصاميم رائعة إلى جانب عمل العديد من أهم الشركات الناشطة في المدينة، ابتداءً من wHY Architecture في مدينة كلفر إلى Lean Arch في مركز مدينة لوس أنجلوس. مع العلم أن العديد من الأسماء المذكورة في الكتاب هي مجهولة فعلاً خارج حدود مدينة لوس أنجلوس، بينما لم يأتِ الكتاب على ذكر الكثير من عمالقة العمارة مثل شركة فرانك غيري ومورفوسيس وإريك أوين موس ومايكل مالتزان.

ولهذا ليس واضحاً على الإطلاق كيف تم التوصل إلى اختيار القائمة النهائية، على الرغم من أن مؤلف الكتاب يؤكد أنه أشار إلى الشركات “المهتمة في البناء”. على سبيل المثال، تظهر جماليةٌ وأفكارٌ ذكية جداً في أعمال بناء رائدة، مثل منزل View House الحسي المركز على هندسة الحدائق من تصميم Johnston Marklee ومنزل LivingHome مسبق الصنع والحاصل على شهادة LEED من تصميم Ray Kappe. إذ يصرح المؤلف في مقدمته للكتاب بأنه قد أسس رأياً أصلياً عن مصممي لوس أنجلوس كأشخاص متوسطي الأهمية في مجال العمارة والبناء.

من ناحيتها، توضح Anderton في مقدمة للكتاب بعضاً من عجائب وتناقضات العمارة في هذه المدينة. فهي تندهش من “إبداعها” وتتأثر “بتجريدها الشكلي وتجريبها للمواد”، ولكن في نفس الوقت تندهش من حدود العمارة وقيودها الكثيرة في هذه المدينة. فعلى الرغم من أن معظم المعماريين يدعمون المنازل الصغيرة والمشاريع السكنية الكبيرة لتلبية متطلبات المدينة المتوسعة، وبما أن معظم الناس يرون أن المدينة تحتاج إلى التأكيد على العمارة العامة أكثر، يبقى العمل الجديد الأفضل في المدينة مؤلفاً من مساكن كبيرة جداً مخصصة لعائلة واحدة.

وفي حوار آخر أجراه معماريون أثناء مؤتمر كبير على خلفية الكتاب، قاموا بتقسيم المشهد العمراني المعاصر بشكلٍ جيد. فقد ناقشوا تطور العمارة من عهود الحداثة الأولى وحتى الآن. حيث يقول المعماري Austin Kelly، وهو المراقب الحذق لأعمال البناء وتاريخ العمارة: تعلمنا من المعماري Neutra كيف نفصل جداراً زجاجياً عن عنصر إنشائي، بحيث أنها تبدو مستقلة ولكنها تبدو منسابة داخل بعضها البعض. بينما تعلمنا من Schindler مرونة الأسطح وكيف نشبك المساحات ببعضها، ومن Ray و Charles Eames تعلمنا عن عملية التصميم التعاونية والمفتوحة النهايات.

وهكذا خلص المؤتمرون إلى أن التطور الرئيسي منذ ذلك العصر وحتى الآن هو العمارة المعقدة والأكثر مخالفةً للقواعد والمصممة بمراعاة محيطها الخاص. بينما ذكر آخرون أن هناك تركيزاً أكبر على التفاصيل والإنشاء، وروح “حداثة دافئة” جديدة.

على الرغم من أنه ممتع جداً ويتضمن جوانب إيجابية جداً، إلا أن هذا الكتاب يمتلك جانبين إشكاليين على حد زعم بعض النقاد، وهما الوصف الجاف للمشاريع الذي يبدو كثيرٌ منه منقولاً مباشراً عن تصريحات رسمية للشركات المصممة، إلى جانب حقيقة تمويل الكتاب من قبل عدد من الشركات المحلية والعالمية التي ملأت مشاريعها الكتاب.

لهذا لايزال حتى الآن موضوع استراتيجية اختيار المشاريع غامضاً، ولكن الحقيقة أنه مع الميزانية الصغيرة جداً، من الرائع أن يتمكن الكتاب من تقديم سجلٍ رائعٍ ومفيدٍ عما تقوم به الشركات الموهوبة في العصر الحاضر.

إقرأ ايضًا