فندق تاج محل يستعيد مجده الضائع

7

عذراً من الشاه جيهان..الذي يحكى بأنه قطع جميع أيدي الحرفيين والمهندسين الذين أنشؤوا قصر تاج محل الشهير..وهو الضريح الأضخم والأجمل على الضفة الجنوبية لنهر جومنا، خارج مدينة أكرا الهندية، والذي أمر الشاه ببنائه تخليداً لذكرى زوجته المحبوبة الحسناء أرجومند بانو بيغوم، فهاهي الهند تحتفل مرةً ثانية بإعادة افتتاح فندق القصر بعد الحادثة الإرهابية واسعة النطاق التي نالت القصر.

إذ تم الإعلان عن إعادة تسمية برج وقصر تاج محل بالتزامن مع إعادة الافتتاح، ليصبح اسمه قصر تاج محل، وذلك يوم الأحد الواقع في 15 آب، وجاء هذا الإعلان على خلفية إعادة أعمال البناء عقب الهجمات الإرهابية المدمرة في 26 تشرين الثاني من عام 2008، حيث تم توقيت حفل الافتتاح ليصادف الذكرى السادسة والعشرون على استقلال الهند.

فخلال الهجمات التي استهدفت قصر تاج محل وفندق أوبيروج المجاور والتي استمرت لثلاثة أيامٍ على التوالي، تكبدت الهند خسائر بشرية كبيرة وأضرار مادية هائلة، ولكن لحسن الحظ، قتلت قوات الكوماندس الهندية المسلحين الإرهابيين الذين تحصنوا في قصر تاج محل ووضعت حداً للمعارك، إلا أن المعركة لم تنتهي حتى ألمّت بالقصر العديد من الأضرار المادية جراء مخلفات الهجوم بالنار والماء والرصاص.

ولكن مومباي استطاعت أن تنفض عنها غبار الاعتداء، وتعيد لفندق تاج محل بريقه، فقد كلفت معماريي شركة JPA بإعادة بناء جناح البرج التابع لهذا الفندق الفاخر، والذي يعود بناؤه إلى عام 1973، والذي اعتدنا وقوفه شامخاً بشرفاته المقوسة التي يعلوها تاجٌ ذو نتوءات، في تباينٍ متناغم مع قصر تاج محل الذي يشكل جزءاً من الفندق نفسه.

وعنه يخبرنا رئيس مجلس إدراة شركة الفنادق الهندية المحدودة، السيد Ratan Tata بقوله “إننا وبافتتاحنا الجناح التاريخي، قد قمنا بكل ما بوسعنا لاستعادة مجده القديم، ونجحنا بذلك بإرسال رسالة قوية للعالم أجمع، بأنه من الممكن أن نتعرض للأذى لفترة، ولكن من المستحيل أن نفقد مكانتنا.”

وفيةً لهذا التصريح، قامت الشركة بتوظيف كلٍ من شركة Lissoni Associati من ميلان و BAMO من سان فرانسيسكو، إلى جانب LTW من كوالالمبور و James Park من سنغافورة، وكل ذلك في سبيل إعادة المجد الضائع للصرح المهيب.

بالحديث أكثر عن تفاصيل القصر، نذكر أنه يضم 285 غرفة من بينها 42 جناحاً فاخراً، حيث تتخذ 19 من هذه الأجنحة أسماء مثل المرجان والهولندي والدلفين وما إلى ذلك، نذكر أيضاً العديد من العناصر المترفة الإضافية التي تم إقحامها في تصميم الفندق الداخلي، مثل الحمامات ذات الرخام الإيطالي، والأثاث المريح، وأنظمة المسرح المنزلي.

أما جناح تاتا فله قصةٌ خاصةٌ به، فقد تمت تسميته على اسم المالك راتان تاتا، وتم بناؤه على أكثر من 5,000 م2 لتصل أجرة الليلة الواحدة فيه حتى 5,500 يورو، ويتوقع أن يفتح أبوابه في شهر أيلول.

بالنسبة لجهة التصميم كان لها كلامٌ آخر، إذ صرّح David Edwards، وهو المدير التنفيذي فرع شركة JPA في سنغافورة بقوله “لا ينكر أحدٌ بأن برج وقصر تاج محل، هو صرحٌ هندي رائع بامتياز، ولكن الأحداث المأساوية التي ألمت به العام 2008، شكلت لنا فرصةً استثنائية لتقديم خطة حساسة ومناسبة لتاريخ هذا المعلم، لتقديم أقصى قدر من الرفاهية لضيوفه، ولحسن الحظ كانت النتائج بالنظر إلى داخل الفندق غاية في التميز والأناقة، فقد نجحنا أن ندمج ما بين الطابع الكلاسيكي الأصلي مع أحدث التقنيات الرائدة التي يتمناها كل زائر.”

إذ تم تجديد المطاعم والأماكن العامة بما في ذلك صالة البحر والتنين الذهبي وحانة الميناء، ومطعم Wasabi بإدراة الشيف Morimoto وأخيراً قاعة الاحتفالات، ويسترعي انتباهنا هنا عدد الطهاة المشهورين الذين باتت ترتبط أسماؤهم وأسماء هذه المطاعم.

أخيراً نختتم بخطاب راتان الذي وجهه لموظفيه قائلاً “لتسعد السيدة الجليلة القديمة بهذا الصرح المذهل، الذي أعاد لها مجدها الذي طالما تنعمت به لأكثر من قرن، ويعود الفضل لكل واحدٍ منكم، لتفانيكم والتزامكم.”

نحن بدورنا نبارك للسيد راتان، فكلماتٌ مثل تلك لها وقعٌ خاص ومؤثر في نفوس العاملين، وهم الجنود المجهولين الذي يرتبط نجاح أي عملٍ معماري بسواعدهم القوية، فلولاهم لبقيت التصاميم الهندسية حبيسة الأدراج والخزائن، ولكن أين الشاه جيهان ليسمع ويتعظ؟

إقرأ ايضًا