القدوة الأمريكية حتى في تخطيط المدن

4

يبدو أن اقتداء الكثير من الدول بالولايات المتحدة الأمريكية لن يقف عند حدٍ معين؛ فحتى في مجال تخطيط المدن ارتأت رواندا في الولايات الأمريكية حلماً جميلاً يمكن تحقيقه على أرضها الإفريقية.

إذ لم يخف الرئيس الرواندي إعجابه لدى رؤية صورة بانورامية لمدينة دنفر، عاصمة ولاية كولورادو الأمريكية، من على إحدى أبراج المدينة، وعبّر عن رغبته بأن تصبح كيغالي على هذا المستوى من التطور العمراني، الأمر الذي دفعه للإشراف شخصياً على خطة التطوير الرئيسة التي شهدتها العاصمة الرواندية مؤخراً بقيادة المعمارية Donna Rubinoff، وقد رافق هذه الزيارة شرحٌ مفصل من المعمارية عن تفاصيل الخطة وتطورات كل مرحلة من مراحل البناء.

كما وقام الرئيس بالاجتماع مع المعماري كارل واشنطن على خلفية الزيارة إلى دنفر، حيث قام الأخير بالكشف مؤخراً عن الخطة الرئيسة لمشروع تطوير مركز دنفر للتكنولوجيا، في حين أنه يعمل حالياً كمصممٍ عمراني في شركة OZ ومقرها دنفر، وهو ما رشحه لتصميم المخطط الأولي لمدينة كيغالي بالاستناد على مجموعة من الخرائط التي خُطت للمدينة في فترة الستينيات.

من جهتها انضمت شركة Surbana، ومقرها سنغافورة إلى الفريق لتقديم مشروعٍ أكثر تفصيلاً من المقرر عرضه في معرض MIPIM العالمي للعقارات العام 2011 بالتزامن مع خطة الحكومة لإعادة كيغالي كمركزٍ إقليمي، حيث يمكن للشركات الدولية ليس خدمة رواندا فقط، ولكن الأسواق المجاورة من أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وبوروندي، ومن المؤكد أن تلك المنطقة الوسطى، على حد تعبير Rubinoff، ستكون أكثر استقراراً من جيرانها خصوصاً مع الانتهاء من المطار الدولي، الذي سيكون له بالتأكيد آثاره الإيجابية على الجغرافيا والبنية التحتية.

من المتوقع أن يقوم المخطط الرئيس الذي أعدته Surbana و OZ بزيادة الكثافة السكانية ثلاث أضعاف تقريباً مما هي عليه الآن، من خلال خلق مناطق جديدة وتعزيز أخرى، فعلى سبيل المثال سوف يتم بناء مقاطعة الأعمال المركزية على أنقاض المستعمرة البليجيكية القديمة احتراماً للنسيج العمراني القائم، في الوقت الذي سوف يتم فيه تطوير حي Nyuragange الجديد ليتماشى وروح القرن الحادي والعشرين دون إغفال التقاليد والتاريخ.

يتميز المخطط الرئيس أيضاً بوجود أحياء سهلة التنقل مشياً على الأقدام، حاله كحال الأحياء الراقية في كافة أنحاء العالم، الأمر الذي كان من شأنه إلغاء دور السيارات والمساعدة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، كما وركز المخطط أيضاً على المساحات العامة لجذب الشركات العالمية، فكما تقول Rubinoff “وحده التركيز والتأكيد على السياق العمراني سيجعل كيغالي تبرز.”

ولكنها تدرك بأنها لا تستطيع أن تفعل هذا وحدها، فعلى الرغم من وجود العديد من المصممين المحليين والمطورين والمستثمرين المتحمسين، يبقى الغرض من بعثة كيغالي في المعرض العالمي للعقارات جذب الأموال والخبرات الدولية.

فمجموعة Habi على سبيل المثال، وهي إحدى هذه الجهات المطورة، قامت بالعمل على تطوير منطقة البيع بالتجزئة بالاستعانة بتصميم O’Zone ومقرها باريس، وقد بلغت مساحة هذا المشروع ثلاثين ألف متر مربع، تنقسم ما بين مكاتب ذات استخدام مختلط ومحال بيع بالتجزئة ومبنى سكني، حيث تبدي Habi اهتماماً في العمل مع المعماريين العالميين لتطوير هذا المشروع وغيرها من المشاريع في كيغالي.

على كل حال فإن هذا التدفق من المواهب الأجنبية يوفر فرصة أخرى -على حد اعتقاد Rubinoff- التي أكدت بدورها أهمية وجود طائفة واسعة من المعماريين العالميين للعمل مع الروانديين، حيث سيوفر هذا التعاون فرصة للمعماريين الأجانب الكشف عن قدراتهم، كما وسيوفر للمعماريين المحليين إمكانية التعلم من الآخرين في كافة أنحاء العالم.

إذ ترحب الحكومة بالمهندسين المعماريين والمتخصصين في التصميم العمراني علهم يساعدون المصممين المحليين بإيجاد طرقهم الخاصة، فمدينة “كيغالي لا يجب أن تبدو مثل كينيا” حسبما أعلنت Rubinoff.

إقرأ ايضًا