هرج ومرج حول خطة تطوير موقع مركز التجارة العالمي

9

كلما هلّ تاريخ الحادي عشر من أيلول في كل عام يغرق العالم مرةً أخرى في ذكرى أولئك الذين فقدوا حياتهم في هجمات 2001 الإرهابية, لهذا السبب أقر مجلس مفوضيّ Port Authority سلسلةً من الاتفاقيات تُعرَف جماعياً باسم “خطة التطوير” التي ستسمح بتجديد كاملٍ على موقع مركز التجارة العالمي كله، بمشاركة ألمع الأسماء في عالم العمارة، أشهرها نورمان فوستر.

فمنذ ذلك اليوم المشؤوم، تم نشر الكثير من المقالات والتعليقات لتفحُّص الأحداث، أما هذا العام، فنشهد موقفاً إيجابياً تجاه التقدم الذي يحرزه موقع مركز التجارة العالمي، ذلك المشروع الواسع الذي يسعى إلى استخدام العمارة من أجل تخليد ذكرى العواطف الصريحة التي يعبر عنها أولئك المتأثرون جرّاء الهجمات الإرهابية منذ 9سنين مضت.

هنا لابد لنا من أن نشير إلى أن المشروع قد لقي نصيبه من الأقدار المشؤومة والحسنة على مر السنين، حيث انطلقت الصراعات بين اثنين من المطورين الرئيسيين وهما Silverstein للعقارات و Port Authority، مع ظهور اقتراحات بأنه سيتم إهمال واحدٍ أو أكثر من الأبراج المقترحة وتحويل اثنتين من الكتل المتبقية إلى مجرد كتل ثانوية.

على أية حال، وبعد أشهر من المباحثات المتوترة بين كلٍّ من Silverstein للعقارات (المالك المؤجَّر لأبراج التجارة الثاني والثالث والرابع) و Port Authority (مالك الموقع) حول كيفية تحديد مراحل العمل والتمويل بدقة للأبراج المكتبية الثلاثة المخطط لها على النصف الشرقي من الموقع، يبدو أن سكوناً واضحاً قد طرأ على هذه الإجراءات.

أما مركز التجارة العالمي الثاني -من تصميم العظيم نورمان فوستر الذي يدمج “إسفين الضوء” المثير للجدل من تصميم دانيل ليبزكند وتطوير شركة WSP العالمية الاستشارية للهندسة والإدارة والتصميم- فهو كتلة بلورية مذهلة يصل ارتفاعها إلى 1,270 قدم ويعلوها هوائيٌّ بارتفاع 80 قدم. وبما أنها مطابقةٌ بوضوح لمبنى إيمباير ستيت Empire State وتقريباً بطول ساحة 15Penn التي تسبب تنازعاً كبيراً، ستمكِّن خطة التطوير من “بناءٍ سريعٍ ومباشرٍ للبرج الثاني على مستوى الشارع مع مرونة البدء ببناء البرج المكتبي بالاعتماد على طلب السوق فقط وبدون دعمٍ شعبي.

علاوةً على كل ذلك، سيتم تقديم مساحة مكتبية إضافية من قبل المميز ريتشارد روجرز بالإضافة إلى مركز التجارة العالمي الثالث بتوقيع WSP، والذي سيشغل موقعاً مركزياً في موقع مركز التجارة العالمي. وبتقديمه مساحة 2,1 مليون قدم مربع من المساحة المكتبية وخمسة طوابق تجارية، من الطبيعي أن يكون تصميم مركز التجارة العالمي الثالث أقل جاذبيةً من كتلة فوستر اللمَّاعة، ولكن مع هذا تم إعطاؤه الضوء الأخضر لمباشرة أعمال البناء، بشكل أولي على مستوى المنصة الممولة بالكامل من عائدات التأمين، وإذا ما تلقت شركة SPI بعض الدعم السوقي الخاص، سيستمر إنشاء البرج ليكتمل عام 2015.

على مر السنوات الماضية، وصل برج التجارة العالمي الأول (أو برج الحرية كما هو معروف) من تصميم David Childs من SOM إلى الطابق الـ36 وهو الآن في طريقه للاكتمال في عام 2013.

أما الصرح التذكاري لأحداث 11 أيلول من تصميم المعماري ميشيل أراد ومهندس الحدائق بيتر ووكر، فقد شهد أيضاً قفزةً نوعيةً كبيرةً إلى الأمام، حيث تم تنصيب كل الفولاذ المستخدم في البناء بالكامل، مع بركتين عاكستين مشكَّلتين بالكامل على ساحة النصب التذكاري محددتين بآجر من الغرانيت، ومن المقرر أن يتم افتتاحه في الذكرى العاشرة للهجمات العام القادم.

من ناحية أخرى، من المقرر أن يكتمل محور النقل المميز للمركز من تصميم سانتييغو كالاترافا، مع جميع الأقواس المميزة له عند رابط المحور مع العلم أن أعمال تركيب أقواس إضافية وعوارض خشبية مسطحة على مستوى الميزانين تجري حالياً على قدمٍ وساق. وعلى الرغم من المخاوف بشأن بقاء كتلة المساحة المكتبية على موقع مركز التجارة العالمي غير مشغولة، إلا أن Port Authority قد وقّعت مؤخراً خطاب نوايا مع العملاق في عالم النشر Condé Nast لشغل مساحة 1 مليون تقريباً من المساحة المكتبية في برج الحرية.

أما وعلى النقيض وفي الذكرى التاسعة لهجمات 11 أيلول، فمن المقرر أن تجري مسيرة اعتراض هذه المرة ضد خطط إنشاء المركز الثقافي الإسلامي الذي من المقرر أن يتخذ موقعاً له على بعد شوارع قليلة من موقع مركز التجارة العالمي. هذا المركز المشار إليه عموماً على أنه “جامع غراوند زيرو” والذي أثارت فكرته هياجاً كبيراً بين سكان مدينة نيويورك والناشطين الذين يشعرون بأن هذا المبنى سيكون غير ملائم لا للمكان ولا للزمان، نظراً لوقوعه على مسافةٍ قريبةٍ من مثل هذا الموقع الحساس.

ولكن من الجدير ذكره هنا أنه قد تم منح المشروع الإذن الكامل بالبدء من قبل هيئة الحفاظ على المعالم المعمارية في نيويورك منذ عدة أسابيع.

هذا وقد تلقت فكرة إعادة بناء مركز التجارة العالمي الكثير من الهجوم والمعارضة، ابتداءً من الاتهامات بأن خدمة التحكم بالنوعية من مختبرات Testwell قد زورت تقارير حول التصميم الممزوج بالإسمنت لبرج الحرية أدلت بها إلى الشأن العام، تقر فيها بأنه شبيه جداً بمركز شنغهاي المالي العالمي.

وأخيراً يبدو أن العمل ينطلق فعلاً بأقصى سرعة ممكنة، فبينما مايزال قلب نيويورك يبدو شبيهاً بموقع بناء، إلا أنه ربما في غضون سنة أو سنتين سترتفع بعض المنجزات المعمارية المذهلة من الرماد.

إقرأ ايضًا