دوافع سياسية أم مشكلةٍ معمارية؟ تصميم السفارة الإيرانية في لندن

2

انتشر الخبر مؤخراً عن تدخل الأمير تشارلز شخصياً في إيقاف مشروع “Chelsea Barracks” السكني التطويري أو ثكنات تشيلسي في وقتٍ سابق من هذا العام، لذا ناشد المواطنون الأثرياء في لندن الأمير للمساعدة في منع خطط السفارة الإيرانية بالتمركز في وسط لندن، إذ شعر السكان في تلك المنطقة العمرانية المتميزة بأنهم يتعرضون للأذى جراء التدخل المسيء الهادف لتنمية المناطق المحيطة بهم.

ويُزعم بأن مجلس بلدية لندن حجب صور المخطط، الذي تقدم للجنة التخطيط، من موقعه على شبكة الإنترنت، بناءً على طلب مجموعة شرطة الحماية الدبلوماسية، الذي يشعرون بالقلق حيال المسائل الأمنية، ولكن هذا ليس السبب الوحيد للخلاف، إذ يبدو بأن المصدر الحقيقي للنزاع هو طبيعة التصميم التابع للسفارة، وعنه يعلق رئيس مجلس إدراة الصندوق الوطني، السير Simon Jenkins بقوله “من غير المناسب أن نحضر مبنىً صاخب ومعاصر إلى منطقةٍ تراثية وحساسة للغاية بجانب الكنيسة الأثرية الرائعة.”

حيث ستكشف السفارة الإيرانية عن ستة طوابق من الرخام والحجر مصحوبةً بالعديد من النوافذ العشوائية والحادة والخطوط الواضحة، من تصميم المعماري الإيراني Armin Hohsen Daneshgar والذي تتخذ شركته Daneshgar Architects من البندقية مقراً لها، وستجثم السفارة المزعومة بدورها على زاوية قصر Manson وإسطبلات Queensgate، في حين تتدلى الزاوية البارزة من المبنى على كتلةٍ فرعية أصغر، هي عبارة عن معرضٍ فنيٍ معاصر ومركزٍ ثقافي.

وعن التصميم الغريب عن المنطقة يخبرنا الدكتور Daneshgar زعيم المشروع بقوله “أعتقد أن المشكلة ليست بتصميم المبنى، بل إنها تتعدى وظيفة المبنى كسفارة، وحتى لو قمنا بنسخ المباني الحالية في منطقة “Queensgate”حرفياً، فإن المشكلة ستبقى قائمة.”

حيث تعتبر مثل هذه الكتل المعاصرة حادة الزوايا نادرة في لندن وفي منطقة ثريّة هي South Kensington، لاتزال القيم التقليدية تشكل محوراً أساسياً في التصميم المعماري، ونرى ذلك بوضوح من خلال محاولة الأمير تشارلز الناجحة في إبعاد خطط تطوير ثكنات تشيلسي، مما شجع السكان الغاضبين على إرسال رسالة للأمير في محاولةٍ لكسب تأييده والمساعدة في هذه المحنة المعمارية، من وجهة نظرهم.

كما صرّح بدوره أمير ويلز بأنه كان في انتظار وصول رسالة إليه قبل التعليق على هذه المسألة، أما Sirus Taghan وهو معماريٌ إيراني يعيش في لندن فقد علّق عن الموضوع بقوله “أعتقد بأن هذه هي ردة الفعل المعتادة من السلطات إثر عدم توظيف شركة بريطانية لتصميم مخططٍ أكثر انسجاماً مع البيئة المحيطة، حيث سيكون التصميم أكثر جدلاً لا محالة فيما لو صمم بوحيٍ من أصول السفارة، إذ تكون النتيجة عبارة عن تصميم غير مناسب لمقر سفارة وفي هذا الموقع بالذات.”

في المقابل تقف السفارة الإيرانية الحالية على بعد مئات الأمتار من الموقع المقترح، والتي تعرضت لعملية اقتحامٍ شهيرة في عام 1980 على يد “الحركة الديمقراطية الثورية لتحرير عربستان”؛ وهي مجموعةٌ من الانفصاليين “العرب الإيرانيين” الذين طالبوا بالإفراج عن زملائهم البالغ عددهم 91 والقابعين في السجون الإيرانية، ولكن بوعد الحصول على تصريحٍ من رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر، قامت القوات البريطانية الخاصة بعمليةٍ عسكرية مفاجئة على السفارة بعد أن قُتل واحدٌ من الرهائن الستة والعشرين الذين تم احتجازهم داخل المبنى، وأسفرت العملية عن مقتل خمسة من الإرهابيين الستة، وكان قد أفرج عن الناجين من السجن في عام 2008 وحالياً يقيم هؤلاء تحت حماية الحكومة في جنوب لندن.

لذلك لا تستغرب عزيزي القارئ من هذه الحملات لردع مشروع السفارة الإيرانية من النهوض قدماً… فخبرنا اليوم يدعونا للتساؤل، من المسؤول عن تشويه صورة الشرق الأوسط في الغرب، وكيف تصل هذه المسائل والمشاكل لعالم العمارة؟ وهل هي مشكلةٌ سياسة أم معمارية بحتة؟ من هنا علينا أن ننطلق لنضع يدنا على لب المشكلة ونبدأ بحلّها.

إقرأ ايضًا