أول جامع ينال شهادة LEED في الولايات المتحدة

10

إذا ما كنتم تنتظرون أخباراً حول مشروع جامع غراوند زيرو الذي كان من المقرر بناؤه في نيويورك، إليكم آخر التطورات.

بات بإمكانكم الآن التأكد من أن مشروع “جامع غراوند زيرو” والمركز الاجتماعي سيُنفَّذ حتماً، على الرغم من حقيقة كونه موضوعاً ساخناً للجدل في الآونة الأخيرة، نظراً لحساسية مثل هذه المشاريع بالنسبة إلى الأمريكيين والصورة السلبية التي ترسخت في أذهانهم عن المسلمين عقب أحداث 11 أيلول التي يبدو أن المسلمين سيستمرون في دفع ثمنها إلى أجلٍ غير مسمَّى.

ولكن إذا ما وضعنا جانباً النقاش المحتدم حول مسألة حرية الأديان مقابل التعاطف مع عائلات الضحايا والمسائل السياسية الأخرى، نلتفت إلى الخبر السار الذي أسعد جميع المسلمين والمعماريين المهتمين لسماع أن مطوري المشروع يخططون للتحوّل إلى تبنّي سياسة البناء الأخضر.

ونظراً لوجود أكبر تجمُّعٍ إسلامي في مدينة نيويورك، كان الإلحاح شديداً على إتمام المشروع بسرعةٍ قصوى في هذه المنطقة التي تتباهى بتآخي دور عبادتها اليهودية والمسيحية والإسلامية وتواجدها بجانب بعضها البعض. وهكذا أصبح من الضروري إنشاء دار عبادةٍ تجتمع فيها أعداد المسلمين الكبيرة، مما دعا المسؤولين إلى تحديد مساحة 120,000 قدم مربع يتم تخصيصها للمشروع.

كشف تقريرٌ صادرٌ الأسبوع الماضي على موقع الأخبار الإلكتروني الأمريكي The Daily Beast عن إبراهيم عبد المتين -مؤلف: “الدين الأخضر: ما يعلِّمُهُ الإسلام حول حماية الكوكب”- أن مطورو مركز Park51 الثقافي والاجتماعي ينوون أن يحققوا شهادة LEED لمشروعهم.

ولأنه لم يَحِن بعد موعد تسمية الفريق المعماري لم يتم تحديد تفاصيل تقنيات البناء الأخضر، ولكن إذا بقي الوعد قائماً، سيصبح Park51 أول جامعٍ يحصل على شهادة LEED في الولايات المتحدة الأمريكية.

حيث سيكون Park51، الاسم المُطلَق حديثاً على مقر مجموعة Cordoba من المتدينين المعتدلين برئاسة الإمام فيصل، جامعاً ومركزاً ثقافياً إسلامياً بكلفة مئة مليون دولار أمريكي واقعاً في مدينة منتزه Battery على بعد شارعين من موقع مركز التجارة العالمي.

على الرغم من أن شركة سوهو للعقارات (Soho Properties) ما زالت تمتلك المباني الموجودة، إلا أنه تتم حالياً إدارة وتطوير مركز الصلاة من قبل الإمام والكاتب والناشط الديني فيصل عبد الرؤوف، بالتعاون مع السيد شريف الجمال رئيس مجلس إدارة Soho Properties، اللذان يطمحان إلى بناءٍ جديد تمتزج فيه هوية العمارة الإسلامية مع سمات العمارة العصرية.

هذا ويُتَصوَّر أن يكون هذا الجامع مركزاً اجتماعياً يضم مدرجاً مزوداً بـ 500 مقعد، ومرافق للترفيه والرشاقة ومطعماً ومدرسةً للطبخ ومساحة عرض ومكتبة واستديوهات فنية وخدمات للعناية بالأطفال وجامعاً وصرحاً تذكارياً لأحداث 11 أيلول، كلها تحت سقفٍ واحد.

من ناحيةٍ أخرى، يأمل الإمام فيصل أن يصبح هذا المركز “واحداً من أكثر المباني أهميةً في مدينة نيويورك”. كما يريد الإمام أن يثير التصميم مفهوم الحداثة، ولهذا ليس بالضرورة أن يتبنى أسلوب الجوامع التقليدية.

في حين أشار الإمام إلى أن كلاً من مبنى اتحاد Cooper في موقع Astor ومبنى التجارة العالمي السابع سيكونان مصدر إلهامٍ قويٍّ لمشروع Park51، الذي سيحل مكان مصنع Burlington Coat القديم لإنتاج المعاطف بجوار المبنيين المتهدمين في أحداث 11 أيلول.

ومن الجدير بالذكر أنه يتم استخدام الموقع حالياً كمرفقٍ مؤقتٍ يحضر فيه حوالي 400 مسلم صلاة الجمعة المقدسة.

بالنسبة إلى إعادة تسمية المشروع من مقر Cordoba إلى اسم Park51 (منتزه 51)، فهي متعمَّدةٌ بحيث تعكس ارتباط المركز بالبيئة المحيطة المليئة بالمنتزهات. وكما قال إبراهيم عبد المتين، “إن الاسم الجديد Park51 يستحضر صور الأشجار والجداول المائية الصغيرة ولعب الأولاد في المنطقة. فالمنتزهات للعامة هي مساحات ممتعةٌ خضراء، وليست مسألة جدلية.

بدوره أضاف السيد شريف الجمال أنه أراد أن يكون المبنى فعالاً على مستوى الطاقة وشفافاً، لذا من المحتمل جداً أن يتميز المبنى بواجهةٍ زجاجيةٍ بعد أن كانت واجهته مليئةً ببقع الصدأ وآثار الأحداث المدمرة.

نأمل أن يتحقق هذا المشروع أخيراً ويكون قادراً على تحقيق المقصد منه، ألا وهو مسح صورة الإسلام والمسلمين الملطخة بتهمة الإرهاب وإظهارهم على حقيقتهم المنفتحة والمتطورة باستمرار. كما نرجو أن يساهم هذا الجامع في إضفاء لمسةٍ حديثةٍ على عمارة المساجد الإسلامية التقليدية، لتصبح أكثر مواكبةً لموجة الاستدامة.

إقرأ ايضًا