كتابٌ يجعلك أقرب من روليكس سانا

6

كنتم قد قرأتم في موقعنا خبراً عن مركز روليكس التعليمي في سويسرا من تصميم SANAA اليابانية للهندسة المعمارية، واليوم تُقدم لنا مطبوعات EPFL Press كتاباً رائعاً يصف المركز بأدق تفاصيله؛ لا الوظيفية فحسب بل الأسلوب والتصميم المعماري بكل ما فيه منذ بداية الإعلان عن المنافسة وحتى آخر خطوةٍ قبل افتتاحه من تصميمٍ وتشييدٍ وحلولٍ وأنظمة.

يتصفح القارئ الكتاب الأبيض الناعم بشوقٍ إذ تزيد المتعة مع كل صفحةٍ من الكتاب الذي يُشبه تصاميم سانا بأناقته وجمال تصميمه وإحاطته بكامل ظروف خلق مركز روليكس من بدايتها وحتى اليوم.

يُعتبر المركز آخر عملٍ للشهيرين Kazuyo Sejima و Ryue Nishizawa أصحاب شركة سانا عندما أنجزوه لصالح جامعة EPFL ليتسع لعشرة آلاف طالبٍ لهم أن يجتمعوا ويدرسوا ويتعلموا في مكانٍ واحد.

فمن يرى حرم الجامعة سيُصدم بكيفية إنشاء المبنى داخله، إذ يُغطي أغلب مساحة الأرض ومع ذلك لا يتحكم ببقية المساحات أو يُسيطر عليها. كما أن انحناءاته وتموجاته تخلق منظراً طبيعياً داخل الحرم ولا تبرز وسطه كبناءٍ يشوه انسيابيته. أما أجمل ما في التصميم فهو بساطته ووضوحه الذي يعبّر عن مكانٍ يخلق حوله أجواءً خاصةً به.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الكتاب يشمل شرحاً وصوراً عن بقية العروض التي تم تقديمها للمنافسة إبان قبول عرض سانا، كتلك العروض تقدمة Herzog & de Mueron وجون نوفل و OMA. حيث يخلق ذكر هذه المشاريع نوعاً من المقارنة ليرى القارئ ما الذي كانت ستفعله مشاريعٌ أخرى بالمكان لو لم تحصل سانا على العقد حينها.

يعرض الكتاب كل مشروعٍ مع صوره وشروحاتٍ قصيرةٍ تقترن بكل جانبٍ من جوانب التصميم أو الصورة. ولتقارب عرض المشاريع في الكتاب بجانب بعضها دوره في إظهار رؤية سانا بوضوحٍ أكبر، إذ استطاع تصميمهم تحقيق ما عجز البقية عن إدراكه فلم يكن مجرد بناءٍ ينتصب على الأرض وإنما بدا وكأنه يرتاح ويستلقي عليها.

وأحد أمتع أقسام الكتاب هو الجزء حيث تم شرح كيفية خلق هيكل البناء الخارجي المتموج والمثقب ليُلائم انسيابية التصميم. وكذلك تلك الأقواس التي صممتها سانا ودعّمتها بأطرٍ معدنيةٍ بطول 470 كيلو متر لكل مترٍ مكعبٍ من الإسمنت، أي أربع مراتٍ أكبر من الحجم المعهود، فكان أكثر نواحي التصميم إثارةً للدهشة.

كان نفس القسم قد ناقش صعوبة صب الإسمنت ثم إزالة الصبات، شارحاً بذلك أغلب صعوبات البناء التي واجهتها عملية التشييد. فرغم أن التصميم النهائي يبدو لوهلةٍ متطرفاً لا يستنزف جهداً، إلا أن الكتاب يُظهر للقراء ما يُغير آرائهم، إذ يرون مدى تعقيد عملية البناء، معلّقاً على بعض العقبات التي تم التغلب عليها للحصول على النتيجة المطلوبة.

تُظهر الصور التصميم الأصلي للبناء وتصميمه الداخلي المفتوح، وبعض الصور تجعل القارئ يتخيل كيف كانت ستبدو الأمور لو تم شغل المكان بأكمله بخطةٍ مفتوحةٍ بالكامل ولا شيء آخر سوى الجبال والبحيرة المتاخمة.

والأهم من إظهار المبنى كمكانٍ فارغٍ كانت قدرة الصور على التقاط مشاهد للطلاب وهم يشغلون المكان تماماً كما تخيلت سانا لبنائها أن يستوعبهم. فتجمعات الطلاب وهم يجلسون قرب النوافذ يتناقشون ويتجادلون، وآخرون وجدوا لأنفسهم مكاناً ينفردون به ليحدقوا بالمنظر الخارجي الخلاب كان هدفاً من أهداف المشروع في خلق روح التعاون والتآخي وتعزيز الحياة الاجتماعية بين الطلاب.

في الختام يبقى الشكر الحقيقي في النهاية لنيكولاس هينتشوز Nicolas Henchoz رئيس جامعة EPFL لمشاركته إيانا الكتاب. فهو يقدم نظرة داخليةً عميقةً ليس إلى داخل المبنى فحسب، بل إلى أعماق عملية التصميم وخلق صرحٍ بهذه العظمة.

إقرأ ايضًا