متحف “التسامح” يُخرس بكل “تسامح” ألسنة المعارضين

12

بعد سنواتٍ من المعارضة الشديدة واسعة النطاق يبدو بأن الأيام القادمة سوف تكون بدايةً واعدةً لمتحف التسامح أو Museum of Tolerance في القدس في فلسطين المحتلة، وكنا قد أوردنا خبراً مفصلاً عن قصة اعتذار المصمم الشهير فرانك غيري عن “شرف” المشاركة في مشروع إعادة تصميم المتحف على خلفية حملة المعارضة القوية التي شنتها مجموعةُ من المعماريين الذين رأوا بأن متحف الرحمة هذا سيحطم عهود “التعايش السلمي” باحتلاله مقبرةً قديمة للمسلمين!

أما اليوم فقد أعلن مركز سيمون فيزنتال (SWC) المسؤول عن المشروع شركة Chyutin الإسرائيلية كجهةٍ معمارية مسؤولة عن تصميم المتحف، وقد جاءت الخطة البديلة على نقيض سابقتها الكلاسيكية من الفولاذ والتيتانيوم الملون التي اشتهر فرانك غيري باستخدامها، لتكشف عن كتلةٍ مؤلفة من ألواحٍ ضخمة من الزجاج والتي سوف توفر إطلالةً واسعة النطاق على حديقة الاستقلال المجاورة.

وعلى الرغم من الميزانية المتواضعة والبالغة 100 مليون دولار مقارنةً بتلك التي كانت مرصودة لـ غيري بمبلغٍ يتجاوز 250 مليون دولار، استطاع التصميم الجديد أن يعكس كسوةً تقليدية كنتيجةٍ للظروف الاقتصادية الحالية، والتي كانت الشغل الشاغل لمركز سيمون فيزنتال والسبب الرئيسي الذي أدى إلى امتناع غيري عن الاشتراك في المشروع.

هنا لابد لنا من أن نذكر أن المركز قد أصدر مؤخراً بياناً يوضح فيه وبأنه “بعد تأخير دام ما يقارب الثلاثة سنوات بسبب إجراءات المحاكم في إسرائيل، ونظراً لخطورة الأزمة المالية في العام الماضي، قرر المركز تصميم مشروعٍ أكثر تواضعاً يمكن تنفيذه بسرعة في غضون ثلاثة أو أربع سنواتٍ على أبعد تقدير.”

ولكن وعلى الرغم من الميزانية المتواضعة قد تستغرب عزيزي القارئ بأن التصاميم الجديدة تمتد على نطاقٍ أكبر إلى حدٍ يتجاوز نطاق المتحف الأصلي للتسامح في لوس انجلوس والبالغ قرابة 110,000 قدم تربيعي بمساحةٍ تتراوح ما بين 150,000 و160,000 قدم تربيعي، إذ يتألف المتحف الجديد من ثلاثة طوابق فوق سطح الأرض وثلاثة أدناه، بينما سيتم تقسيم المساحة بين مساحة المعرض والمسرح والمركز التعليمي، أما المساحة الغارقة في الهواء الطلق في واجهة المتحف فستضم حديقةً ومسرحاً.

وعن الشركة المصممة نشير إلى أنها تتخذ في مستوطنة تل أبيب مقراً لها بقيادة المعماريين مايكل وبيرشا شيوتن، وهي شركة قد نشرت العديد من الكتب المختصة في العمارة الإسرائيلية مثل “العمارة والمدينة الفاضلة: التجربة الإسرائيلية”، و”العمارة والمدينة الفاضلة في عصر المعابد اليهودية”، كما كان لها نصيبها من المشاريع الثقافية في فلسطين المحتلة أيضاً.

لقد عانى “متحف التسامح” الكثير من الصعاب ورافقت أعمال البناء الكثير من الجدالات إثر اكتشاف رفاتٍ بشرية في مقبرة ماميلا القديمة، حيث تم دفن جثث الشيوخ والعلماء المسلمين ونتيجة لذلك تم رفع دعوى ضد مركز سيمون فيزنتال من قبل كبار الشخصيات اليهودية والمسلمة، ومع ذلك أعطت المحكمة العليا الاسرائيلية الضوء الأخضر شريطة أن يتم التعامل بكل “تسامح” و”إنسانية” مع ما تبقى من هذه الرفات بإشراف سلطة الآثار الإسرائيلية!

وبذلك تنتهي قصة متحف “التسامح” على أيدي الشركة المعمارية الجديدة، إذ يبدو بأنه وأخيراً سوف يبصر الضوء والفضل لسلطات الاحتلال الإسرائيلية “المتسامحة” التي سوف تُخرس وبكل “تسامح” ألسنة المعارضين دعماً منها لسياسة “التعايش السلمي” مع المسلمين التي ستبقى تنادي بها حتى آخر نقطة من دم آخر فلسطيني…

ترجمة وتحرير هبة سميح رجوب

إقرأ ايضًا