تجديدٌ شاملٌ للمنطقة الصناعية في تل أبيب

11

قامت شركة Lea Katz Architecture التي تحمل اسم صاحبتها المعمارية والمخططة العمرانية المختصة في شؤون الاستدامة والتصميم المتري والتي تتمتع بخبرةٍ كبيرةٍ في الصناعة، بتجديد مقر شركة Pack Line الصناعية المتحدة في مستوطنة حولون في تل أبيب. حيث قدمت تصميماً جديداً للمبنى القديم العائد إلى عام 1950 ومنحته طابعاً معاصراً ومستداماً.

فبعد تخرجها من الجمعية المعمارية في لندن أسست شركتها الخاصة في كلٍّ من لندن وتل أبيب، وفي هذا المشروع تعاونت مع شركة Pack Line –وهي إحدى أهم االشركات الرائدة في مجال التغليف والتي تمتلك ممثلين لها في أمريكا وبريطانيا وأستراليا- والتي تمتلك أيديولوجية خاصة تتمثل في جوانب عديدة من الخدمات التي تقدمها وأهمها:

• المعيارية: واحدة من العناصر الهامة للنجاح في شركة Pack Line هي التصميم المعياري للآلات، لأن جميع الآلات تعتمد على عناصر معيارية يتم تحويلها بسهولة حسب رغبة الزبون لكلٍّ نوعٍ محدد من المشاريع.

• حفظ الصحة:

تعتبر البيئة النظيفة وظروف العمل الصحية هامةً جداً، وخصوصاً بما أن الزبائن الرئيسيين لشركة Pack Line هم مصانع الطعام والشراب والمنتجات الصيدلية.

• صنعة أشغال الصفيح: تشتهر أشغال الصفيح في الشركة بأنها واحدة من أكثر الأعمال إتقاناً في العالم. حيث تعد جوانب التصميم المُفصَّل والتشطيب الفولاذي المثالي عناصر جذابة جداً لكثيرٍ من الزبائن.

• البساطة والتعقيد:

يقول رئيس شركة Pack Line السيد Victor Katseli أن “البساطة هي جوهر التعقيد”. بمعنى أن الآلات بسيطة بالقدر الذي يجب أن تكون عليه لكي تمتلك معايير أداء عالية وتكون صديقة للمستخِدم ومُحكَمة وجذابة.

• المبدأ البيئي الأخضر:

يؤدي الحديث عن التغليف إلى الحديث عن البيئة، وخصوصاً بما أن الطريقة البيئية الخضراء تمثل الاتجاه الذي تحاول الشركة تحقيقه، فهي تعمل باستمرار على تطوير معدات جديدة لمواد تغليف جديدة صديقة للبيئة.

• الشعور العائلي:

بما أنها شركةٌ مملوكةٌ من قِبَل عائلة، لطالما أظهرت Pack Line إحساساً عائلياً دافئاً لكلٍّ من زبائنها، انطلاقاً من اعتقادها بأنه يجب أن يشعر زوار المقر براحة كبيرة وكأنهم في منازلهم.

• الحزم والتغليف:

يجب أن يشعر الزوار بوضوح لدى عبورهم باب الشركة بأنهم في عالم الحزم والتغليف. إذ أن جوانب عديدة مثل العناصر القابلة للتكديس والإنتاج الشامل والتفرُّد والألوان أو أي عنصر آخر متعلق بهذا المجال يجب أن تكون مأخوذةً بعين الاعتبار بجدية في تصميم المبنى.

انطلاقاً من جميع هذه المبادئ والخدمات، ارتأت شركة العمارة أن تبدأ من المبنى الصناعي العائد إلى عام 1950 مع مباني الخدمات المجاورة الخاصة بالعمال الواقعة ضمن المنطقة الصناعية الأكبر في منطقة مستوطنة تل أبيب، هذا المبنى الذي يشكل نقطة البداية الرئيسية في هذه العملية.

إذ تسيطر حالياً طوبولوجيا هذا المبنى الصناعي القديم على بنية العديد من المناطق الصناعية في المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة. ومن أجل تجديد تلك المناطق، يجب تحليل الوضع الراهن، بهدف إقرار أهداف صالحة جديدة وتطوير عملية فعالة من التحوُّل بين هذين الطرفين النهائيين على كلٍّ من النطاقين العمراني والإنشائي.

وقد تم تفحُّص فعالية هذه العملية قبل كل شيء بواسطة الفجوة بين الحالتين، وبالتالي بواسطة رأس المال الذي يجب استثماره من أجل التحوُّل من حالة إلى أخرى. ولهذا يتم بناء مقر شركة Pack Line كعملية تجديد نموذجية أولية.

ولكي ندرك تماماً أهمية العمل الذي قامت به الشركة المعمارية، لا بد من تسليط الضوء على الحالة السابقة لمقر Pack Line.

كان المقر القديم ينقسم إلى العديد من المناطق، تم تقسيمها على مساحات مختلفة ليؤدي كلٌّ منها وظيفة خاصة. فقد كان هناك مساحة 2000 متر مربع من المبنى الصناعي، تم استخدامها من قبل 5 شركات كبيرة على مر السنوات الـ55 الماضية, إذ اعتمدت كل شركة الكتلة الملائمة لاحتياجاتها، حيث تمت إضافة جدران على جدران وربط أعمدة إلى أعمدة أخرى من أجل دعم الرافعات التي كانت تحمل الثلاجات على طابق الإنتاج، بالإضافة إلى أطنان الأسلاك والأنابيب المتدلية من جميع الجدران والأسقف، وسقف الحرير الصخري (الإسبست) الذي كان مشقوقاً في بعض الأماكن، والأرضية المتصدعة غير المستوية التي تغيرت بفعل حركة الأساسات المتغيرة المرتفعة ترسل، فضلاً عن حرق الكتلة بشكلٍ جزئيٍّ.

كما كان هناك المنطقة الثانية الممتدة على 600 متر مربع من الكتلة المجاورة المنظَّمة على طابقين، هذه التي تم بناؤها أولاً كمساحة خدمات لعمال المصنع، ومن ثم تم تعديلها إلى مبنى مكتبي. ولأنها طويلةٌ وضيقة، تم تنظيم المكاتب على جانبي الممر المركزي. كما تم إنقاص ارتفاعات السقف في الطابق السفلي بمقدار 50 سم من الأسقف المستعارة التي تحتوي على طبقات من الأسلاك والأنابيب.

أما المنطقة الثالثة فكانت الباحة الممتدة على 2500 متر مربع المرصوفة جزئياً بالإسفلت القديم غير المستوي على الأرض الملوثة. بينما تم تصريف كل مياه الأمطار من منطقة السقف الممتدة على 2500 متر مربع إلى داخل المساحة الموجودة بين المبنيين ومن هناك إلى نظام الصرف الصحي المحصور، أثناء غمر معظم الباحة والطريق الرئيسي المجاور.

داخل كل واحدة من هذه المساحات، كان على الشركة المعمارية أن ترى الطاقات الكامنة، فقد كانت المساحة الإجمالية كافية تقريباً لاستيعاب متطلبات المصنع البرمجية. فالكثافة المحلية وقيود التغطية سيسمحان بإضافة مساحةٍ أخرى تبلغ 480 متر مربع، ولهذا أُضيف 180 متر مربع من حُجرة الشحن، و20 متر مربع من منطقة المدخل و40 متر مربع من الاتصال بين المبنيين، وأخيراً 240 متر مربع من مساحة الصالة داخل المبنى.

من الملاحظ أيضاً أن جميع الجدران الإسمنتية داخل المبنى لم تكن إنشائيةً، ولهذا تمت إزالة جميع الجدران والعوارض الفائضة وإعادة تنظيمها لاستيعاب عملية الإنتاج في Pack Line.

وقد تم تصميم كتلة السقف الموجود بدقةٍ كبيرة ليكون كركيزةٍ صغيرةٍ تدعم ألواح السقف الخفيفة, في حين أُزيل الحرير الصخري ودُفِن في مكانٍ خاص وفقاً للأنظمة البيئية. ومن ثم تمت معالجة الركيزة واستعادتها بالكامل لتستوعب ألواح عازلة خفيفة جديدة.

أما الأعمدة الداعمة فقد تم الكشف عنها بعد إزالة جميع الجدران لتمتلك دعائم غريبةً كانت تحمل عوارض الرافعة. وقد تم ترميم هذه الدعائم بهدف خلق أعمدة داعمة أنيقة جديدة تنظم إنتاج الشركة برمتها. حيث يشكِّل كل عمود محطة عمل، ليصبح جزءاً مدمجاً من خطط الإنتاج.

هذا وقد ولَّدت درجات الحرارة المحلية ونقص التكييف في مبنى عام 1950 قسماً بيئياً فعالاً، كان متوجهاً نحو الشمال بضوئه الطبيعي، أثناء تقليل الكسب الحراري وتهوية المكان بطريقةٍ طبيعيةٍ في نفس الوقت. لهذا السبب، تم تقديم نظام تكييف وإنارة اصطناعية، إلا أن كلاً منهما كان مستَخدماً بنسبة 30% فقط مما تستخدمه مساحة 2000 متر مربع عادةً في مناخ تل أبيب.

وبما أن الكتلة المكتبية طويلةٌ وضيقةٌ، أدت إلى توليد طوبولوجيا جديدة. فبدلاً من الممر، تم تقديم جدار خدمة يؤمِّن التفاعل بين المكتب المفتوح الذي يحدث عبره التوزيع على إحدى الجوانب والمكاتب الخاصة على الجانب الآخر.

يحتوي جدار الخدمة هذا على نظام التكييف والإنارة والكهرباء والأرشَفة وتقطيع المساحة الكاملة. إذ تجتمع جميع هذه العناصر بطريقةٍ مُحكَمة في العمود المركزي الذي تعمل طوبولوجيته في الكتلة الضيقة، بما أن التوزيع اللازم للضوء والهواء هو فقط على بعد أربعة أمتار من كل جانب.

وحالما تم تنظيف الكتل الموجودة من جميع المواد والجدران والأسلاك الفائضة، برزت عمليتان رئيسيتان هما:

1. إدخال رسم بياني تنظيمي جديد داخلها. 2. تغليفها بكسوة جديدة.

وهكذا أدت عملية التغليف إلى تعزيز هوية Pack Line كمُصنِّعٍ لآلات التغليف، تلك التي تم تصميمها لملء وختم حزم الأطعمة الاستهلاكية. أما الكسوة الجديدة فقد تمت معاملتها كمادة تغليف، باستخدام الكسوة القديمة العازلة أساساً وألواح الألمنيوم الخفيفة الجديدة التي تلفُّها بفجوة معدلها 20 سم. حيث تخلق هذه الفجوة حاجزاً للهواء لتؤكد على العزل وفي نفس الوقت تحتوي على جميع الأنظمة التي تربط المبنى إلى الخارج، مثل نظام الصرف وأسلاك الهاتف والكهرباء الرئيسية ونظام الصرف الصحي وأنابيب فتحات التهوية.

ومن أجل تعزيز هوية الحزم والتغليف، تم إخفاء الأبواب والنوافذ. فجاءت النوافذ خلف الألواح المخرمة، تلك الألواح التي تحمي الداخل من الضوء الجنوبي القوي، ولهذا ليس هناك حاجة إلى أي ستائر داخلية. كما تم تطوير تفاصيل الأبواب والزوايا لتكون غير مرئية من أجل تعزيز اللف المتصل للحزم الممتاز.

هذا وترتبط ألواح الألمنيوم المموجَّة مع مواد الحزم المموجة أيضاً مثل الورق المقوى، مع العلم أنها مطورة في الواقع على نفس المبدأ. بينما يرتبط التكرار وحركة الألوان مع رف المتجر الكبير الذي يعرفه الجميع.

من ناحيةٍ أخرى، تعززت الجوانب الطبيعية في تشطيبة الأرضية المتشققة، والأمتار الـ7 من سمة شلال الماء في المدخل الرئيسي، والمربى المائي الزجاجي بطول 6 أمتار في مكتب المدراء الذي يستقر على سجادة من العشب الصناعي.

باختصار، يمكن تقسيم مناطق التصميم الجديد إلى ثلاثة مناطق رئيسية هي: منطقة الإنتاج بمساحة 2,460 متر مربع ومنطقة الإدارة بمساحة 620 متر مربع والمنطقة المؤلفة من باحة ومرآب وحُجرة الشحن بمساحة 2,500 متر مربع.

إقرأ ايضًا