مشاكل العمارة ونزاعاتها الآن في أميركا

2

ستتبنى مجدداً مأمورية التخطيط في سان فرانسيسكو هذا الخميس مشروع برج شارع واشنطن 555 المقترح والممتد على 38 طابق، من تصميم Heller Manus لصالح المطور Andrew Segal.

وخلال اللقاء الأخير، الذي أخفق فيه المندوبون بالوصول إلى قرارٍ جماعيٍ، طرحت عليهم الناشطة الاجتماعية القديرة Sue Hestor السؤال التالي: هل تقول العمرانية الحديثة بأنه علينا أن نحارب امتداد الضواحي من خلال إنشاء مبانٍ بمساحة 400 قدم في كل مكانٍ في سان فرانسيسكو؟

وبالفعل هنالك وجهة نظرٍ صحيحةٍ فيما ذُكر، فلمدةٍ طويلةٍ جداً كانت التنمية الذكية تعني وجود الكثافة قبل كل شيء على جانبي الخليج. والنتيجة طبعاً قد كانت فوضى عارمة في معظم الحالات، والتي كثيراً ما كانت لا علاقة لها بالعمارة القابلة للتطبيق أو العمرانية.

وقد حان الوقت لنصبح أكثر دقةً بخصوص الكثافة، فكما يؤكد شارع واشنطن 555، لا يعني مفهوم الكثافة المباني نفسها فقط -أي ضواحي المدينة المباشرة- وإنما ما هو متأثر وربما مهدد بازدياد الكثافة.

هذا ويتجاهل برج شارع واشنطن 555 النطاق الحالي للمباني التي يشترك بها مع 1972 Transamerica Pyramid الخاص بـ William Pereira، والذي ما يزال أطول مبنى في المدينة. وإلى جانبه، لا يبدو البرج الجديد كبيراً جداً بالطبع وهو يأتي مع مجموعةٍ من المرافق الواقعة على المستوى الأول. وبالنسبة إلى Heller Manus، المعروف بفطنته السياسية، يعد التصميم مقبولاً: على الرغم من أنه منتحل من نماذج العمارة التي كانت سائدة في أواخر القرن الحديث. وهذا ما منحه تأييداً من SPUR (أو جمعية سان فرانسيسكو للتخطيط والبحث العمراني) -جمعية التأييد الهامة في المدينة.

وبما أن كل شيءٍ يسير على ما يرام حتى الآن، يمكن تخيل قافلة المنطق التي قادت SPUR للتورط في هذه المسألة. ورغم كل شيء يبدو هذا كله غير مُضرٍ، ولكن إذا ما خالف هذا المشروع نظام التخطيط أثناء تنفيذه، عندها سيُعتَبر النظام لاغياً على أية حال.

ولهذا يجب التساؤل: لماذا يجب على مأمورية التخطيط أن تتردد بشأن الاستمرار مع شارع واشنطن 555 عندما تتبنى المشروع مجدداً في منتصف آذار؟ وهنا سنشرح لكم الأسباب الثلاثة الهامة التي تدفعه لتبطيء العمل على البرج وإعادة التفكير في نطاقه الأكبر.

1. إيقاف إعادة تعديل النطاق في كل حالة على حدة: يُكَمِّل إنشاء برجٍ سكنيٍّ في مجمع Pyramid تقليداً مؤسفاً سائداً في مدينة سان فرانسيسكو يعتمد على إعادة تعديل النطاقات في كل حالةٍ على حدة. فبالعودة إلى أيار 2009، عبر الناقد المؤرخ في سان فرانسيسكو John King عن رأيه قاصداً برج شارع واشنطن 555 بالتحديد مطالباً “بخطةٍ مركزةٍ ومعادٍ تصورها من أجل المنطقة المالية والمليئة بمتاجر التجزئة”.

كما أشار إلى الثمن الذي تدفعه المدينة لعدم الحصول على واحدة قائلاً: “بما أن مركز المدينة متوفرٌ لمن يطلبه عملياً، فالأمر يعتمد على العملية نفسها ليصبح أكثر حدةً وسخريةً”.

ويلاحظ King أنه يمكن أن يتقيد قسم التخطيط في سان فرانسيسكو بسبب الانخفاض في النشاط الاقتصادي، ولكن أليست هذه هي الفرصة الحقيقية للتراجع الاقتصادي بأن يعيد ويخطط بذكاءٍ للمستقبل؟

وبالنظر إلى الحالة الراهنة لسوق الإسكان، لا يوجد أي حاجةٍ ملحةٍ للاعتراف بالبرج. فمن خلال تأجيله، يتمكن المندوبون من تجنب تكرار مهزلة استثناء أبراج Folsom/Spear لـِ Heller Manus -والآن برج Infinity- من خطة منطقة Rincon. (مع ذكر أنه قد تمت الموافقة عليهم ومن ثم تم الإعلان عن خطة جديدة في منطقة Rincon مع خطٍ منقطٍ حول الأبراج التي أوحت بأنه قد تمت إعادة رسم حدها الشرقي بسرعة).

2. إضافة الكثافة إلى الجوهر وليس الحافة: تقع مباني Pyramid على الحافة الشمالية من مقاطعة سان فرانسيسكو المالية، أي وراء شارع California. وإلى شمالها، تكون المباني أكثر انخفاضاً بكثير حيث يوجد مزيجٌ انتقائيٌّ يستفيد مستأجريه من كثافته الحالية.

وهنا يمكنك أن تجد اثنين من أفضل متاجر الكتب في المنطقة وهما City Lights و Stout’s والعديد من أفضل تجار المنطقة في مجال الفنون التزيينية. وإذا ما بحثنا عن العمرانية، نجدها تنطلق من هنا على الرغم من أن المنطقة تزدهر بسبب قربها من المقاطعة المالية.

هذا وقد قررت شنغهاي، كونها تواجه نفس الورطة، أن تحافظ على مناطق مشابهةٍ مثل مقاطعة Puxi معتبرةً -كما لم تفعل سنغافورة- أن مثل هذه المناطق لا يمكن استبدالها. ولهذا سعى نظام تخطيط SF (سان فرانسيسكو) منذ جيلٍ مضى إلى المحافظة على المنطقة.

أما السؤال الأهم الذي يطرحه برج شارع واشنطن 555 فهو ليس ما إذا كان غير ملائماً للموقع وإنما ماذا سيحدث بعد ذلك. وكما أشار مرةً أستاذ التصميم العمراني Peter Bosselmann من UC Berkeley أن إضافة الكثافة على الحافة يسبب ضغطاً على المباني ذات الكثافة الأقل في الجوار.

وهنا كان يقصد منطقة Rincon -مع أن التعليق يمكن أن ينطبق أكثر على الجانب الشمالي من مقاطعة التجارة المركزية- حيث تعاني المشاريع الحالية المقترحة على طول شارع Kearny من مشاكل الكثافة الأعلى.

ومنذ جيلٍ مضى، كان على مبنى KPF في شارع كاليفورنيا 600 أن يتنحى ليمتزج مع مبانٍ أقل ارتفاعاً من جهة الشمال. أما اليوم، فقد أصبح من المحتمل أن يستخدم المطور الذي يقوم بنفس المشروع هذه الحادثة من أجل الاستخدام المختلط مفترضاً أن نظام التخطيط ما زال فاعلاً. وإذا ما تم الموافقة على كميةٍ كافيةٍ من الاستثناءات للنظام، من المحتمل ألا تبقى الحافة الحالية صالحة .

3. التركيز على العمرانية وليس فقط الكثافة: إن السؤال الذي يجب طرحه بخصوص الكثافة هو كيف يمكنها أن تساهم فعلياً في المدينة؟ وهذا يتضمن كل شيء: النطاق والمزج ونوعية التصميم والتأثير على المناخ المحلي والتعاون مع الاستخدامات المحيطة وطرق المرور، إلخ.

وبدلاً من إعطاء الإذن لبرج شارع واشنطن 555، يمكن أن ترسل مأمورية التخطيط رسالةً قويةً إلى المدينة والمجتمع المطور تقضي بعدم السماح بالمزيد من الاستثناءات لكل حالةٍ على حدة.

ومن المؤكد أنه ليس هناك وقتٌ أفضل من الآن -فترة الخمود قبل استئناف العمل كالعادة- من أجل إلقاء نظرةٍ شاملةٍ على كيفية وجوب إنماء المقاطعة التجارية المركزية بالاستفادة من العمرانية بدلاً من خسارتها، وعلى تقدير كمية الكثافة المضافة التي يمكن أن تستوعبها المقاطعات الشمالية. وباختصار، هذه هي المسائل الحقيقية المستعجلة التي يعاني منها البرج، الذي حتماً يمكنه الانتظار إلى أن تُحَلَّ جميعها!

إقرأ ايضًا