الحفاظ على الأماكن التاريخية…واجبٌ معماري بحت!

2

في سابقة معمارية فريدة من نوعها، قام استديو التصميم الاسباني MID Estudio بتحويل مخزن لحبوب الذرة في مدينة فلنسيا الإسبانية إلى متحف!

وببساطة قام فريق العمل الاستثنائي بإغلاق نوافذ وباب المخزن بواسطة الصناديق الخشبية والمعدنية إلى الأبد.

فلم يعد المخزن للذرة بعد الآن وأصبح يدعى من الآن فصاعدا ً “Museo del Agua” أي “متحف الماء”، ويقع المبنى في مرفأ قناة Castilla في مدينة فلنسيا ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1803 تقريباً، كما ويعتبر المرفأ بطبيعة الحال امتداداً للقناة حيث يتم حزم البضائع وتُحمّل ومن ثم تُخزّن.

وبالحديث أكثر عن القناة ، فقد تمّ بناؤها في منتصف القرن الثامن عشر بهدف ربط داخل مدينة Castilla و Reinosa وبالتالي السماح بنقل الفائض من الحبوب لتصل في النهاية إلى ميناء Santander، ولكن لم يتم الانتهاء منها تماماً بسبب وصول السكة الحديدية، وعلى كل حال فإن المشروع الذي كان يستند فيما مضى على فكرة جمالية بحتة، هاهو ذا الآن يعود للحياة مرةً أخرى.

فبعد تلك الفترة وبالتحديد في منتصف القرن العشرين، تمّ بناء مخزنين للذرة على جانبي المرفأ الذي يقع بدوره بجانب نهر Carrión ومركز مدينة فلنسيا التاريخي، والذي يمكن الوصول إليه عن طريق جسر Puente Mayor، أي بين حديقة Sotillo de los Canónigos وحديقة Isla Dos Aguas ليكون بذلك جزءاً من النطاق الأخضر الذي يحيط بالمدينة.

كما وقامت القناة بربط المدينة مع محيطها الريفي على نحو مميز، في حين تم استخدام الطرقات الموجودة على جانبيها لتمرّ عليها عربات الأطفال وراكبي الدراجات، وعلى الرغم من ذلك، فإن المباني إلى جانب الملامح العمرانية التي تطغى على المرفأ لم تلقى إلا الإهمال وعلى الأغلب باتت منسية من قبل أهالي المدينة.

حتى جاءت المرحلة الأولى من تنفيذ “متحف الماء” والتي قامت أخيراً بضخ نفسٍ ثقافيٍ جديدٍ على إحدى مباني المرفأ في قالب يطمح لاستعادة أمجاد المرفأ وقناة Castilla، وبالتالي لعودة البهجة إلى حياة مواطنيه.

بينما وفي المرحلة الثانية، كان الأمل بابتكار مطعم صغير ومرآب لتكملة المتحف، وجاء الاقتراح بعودة العمرانية إلى الميناء النهري من جديد، ولكن للأسف تمّ تشويه هذه الصورة من خلال إقحام العديد من العناصر العمرانية والحدائق وأنواع النبات “المحلي”.

ليأتي اقتراحٌ بديل يقول بخلق مساحة شفافة وواضحة لإعادة الحياة إلى المنطقة وجعلها واضحة وسهلة الوصول في الوقت نفسه، حيث سوف يتم تحديد المرفأ من جديد بالاستعانة بالنباتات النهرية في النقاط الهامة، بينما وإلى الجوار من المتحف سوف يتم زرع رصيف من نباتات Phragmites sp. و Populus alba لحماية المرفأ والمبنى من زحمة المرآب.

وبالانتقال إلى تفاصيل المشروع ذي الأهمية التاريخية، فقد بات مبنى “متحف الماء” يضمّ منطقةً للاستقبال ومساحات عرض مؤقتة ودائمة، أما الصناديق التي أخذت محل نوافذ وأبواب الهيكل القائم، فقد ساهمت بتشكيل العديد من الظلال عبر الفجوات الصغيرة في الداخل، بالإضافة إلى تأمين المساحات التي يستطيع من خلالها الجلوس والتأمل باتجاه المرفأ من خلال الشقوق المستطيلة.

وفي الأسفل من وسط المدخل يسترعي انتباه زائر المتحف صفيحةٌ من المياه تبدأ من مساحة العرض المؤقتة وتنتهي بمساحة العرض الدائمة، في حين تقوم الحزم الخشبية والشرائط المعدنية بتشكيل هيكل السقف والملقف الذي يضم أيضاً العديد من الصناديق الفردية والتي تمّ إقحامها في السلسلة.

وعلى نحو مميز، يقوم شريط المياه في الأسفل بعكس صورة هذه الملاقف في الأعلى، كما وتشغل الصناديق جزءاً من مساحة العرض، حيث سيتمّ تركيب المؤثرات السمعية البصرية على أسطحها، وفي النهاية استطاع معماريّو MID Estudio خلق بقعة مميزة ساهمت وعلى مرحلتين بإعادة الشباب إلى منطقة المرفأ القديم.

إقرأ ايضًا