تقليدٌ أورثه الفقر والجوع

4

قامت شركة Inès Vidal Farré بتصميم منزلٍ للاستخدام العام في Sant Antoni de Portmany في Ibiza باسبانيا. وتلتف حول المركز شرفاتٌ كتلك التي اعتاد المزارعون بناءها لمنع التربة من الانجراف على سفوح التلال. وكانت فكرة أن يتم بناء مركزٍ عامٍ عصري بنفس المواد التي استخدمها سكان الجزيرة القدماء منذ قرونٍ هي من أولويات المشروع بالنسبة للمصممين، وبذلك يمكنهم تأهيل الأرض لأهدافٍ زراعيةٍ أيضاً.

ومن تقاليد العمارة في جزيرة Ibiza أن يتصل المنزل جزئياً بالتربة، وهو تقليدٌ أورثه الفقر والجوع أحياناً. إذ حتى عام 1960 والجزيرة من أفقر مناطق إسبانيا.

ولهذا، فقد بدا المدخل على الواجهة الشمالية أشبه بفتحةٍ منه لمدخلٍ في الجدار الحجري، ويمكن للقس “المالك” أن يزرع الخضروات والنباتات على السقف الواسع المسطح. وبهذا يحقق المركز هدفاً رئيسياً بأن ينصهر مع المناظر الطبيعية والحقول المحيطة به. ويُحيط بالمركز فناءين خارجيين كفيلين بإفعام المكان بالهواء المنعش والإضاءة الطبيعية.

هذا وقد تم بناء المركز بحسٍ سليمٍ ليواجه الجنوب ويحصل على أكبر قدرٍ ممكنٍ من أشعة الشمس، مع الاهتمام بتنظيم هذا التدفق الهائل من الأشعة بإمالة النوافذ والشرفات. كما أن الجهة المقابلة لشمس الغروب أحيطت بجدرانٍ بيضاء تعكس الضوء، وتفيد هذه الجدران بتقسيم الشرفات الخارجية إلى عدة أقسام.

وطبعاً هذا المنزل للاستخدام الشخصي وإنما هو مركزٌ اجتماعي بموزعٍ في منتصفه يمكن استخدامه كصالةٍ حيث توجد منصة الاستقبال ومكتب بريدٍ وغرفة انتظارٍ ومركزٌ صحيّ. وتقود القاعة مباشرةً إلى عدة غرفٍ أخرى؛ كقاعةٍ دراسية ومطعمٍ صغير وقاعةٌ أخرى فيها بابين منزلقين يمكن فتحهما لزيادة اتساع القاعة بقدر الشرفة الشمالية التي تحوي مدرجاً كبيراً وغرفة للاجتماعات الخاصة تتسع للقرية بأكملها.

ونجد في البناء عاملين يؤخذان بعين الاعتبار؛ وهما الكفاءة في استخدام الطاقة واستخدام موادٍ صحيّةٍ بيئياً. ومن مظاهر الكفاءة في استخدام الطاقة أن مستوى العزل الحراري كان أعلى مما يمكن أن نجده في المباني العادية.

فالجدران الخارجية مثلاً معزولةٌ حرارياً بسماكة 24-29 سم، و2 سم هواء، بالإضافة لـ 2,5 سم من فلين الصنوبر، و6 سم من السيراميك، وفجوات في النهاية.

أما السقف ففيه 2,5 سم من فلين الصنوبر كعازل حراري، ثم طبقة من الإسمنت المسامي والمطاط كعازل مائي، حيث قد يتواجد الماء بارتفاع 15 سم على السقف المعد للزراعة.

وتقريباً تتمتع كل غرفةٍ من المنزل بقدر هائلٍ من الإضاءة الطبيعية، مع ضمان وجود التهوية بشكلٍ دائمٍ لإحاطة المنزل بالأفنية الفسيحة. كما تم الاهتمام بجمع مياه الأمطار في خزانات، ويمكن تسخين المياه حرارياً للاستخدام في المطعم “للجلي”.

ومن المواد غير المؤذية التي تم استخدامها للحفاظ على استدامة البناء وصحته البيئية نجد أن المصممين تجنبوا استخدام بلاستيك PVC لكونه من نواتج الصناعات الكلوريدية. فكل الأنابيب ومواد البناء الواجب صناعتها من البلاستيك كانت من البولي إيثلين سهل التكرار .

كما تم تجنب استخدام الإسفلت للعزل المائي، وكل العوازل المائية كانت إما من البولي بروبلين أو المطاط الطبيعي كالموجود في السقف. بالإضافة لاستخدام الفلين الطبيعي للعزل الحراري، فكفائته أعلى من المواد المستخرجة من البترول كما أنه قابل للتحلل بكتيرياً وسهل التكرار.

مع مراعاة عدم صناعة الأبواب أو النوافذ أو أي قطع أثاث أخرى من الخشب للرغبة بحصول التصميم على شهادة Forest Stewardship Council من مجلس رعاية الغابات. وأخيراً تم استخدام طلاء ذي أساسٍ معدني غير إكريليكي.

وهكذا قدمت شركة Inès Vidal Farré لأهالي القرية بناءً يدوم لهم العمر بأكمله محافظاً على البيئة وغير مستهلكٍ للطاقة رغم بساطة تصميمه وانغماسه في البيئة الطبيعية المحيطة به.

إقرأ ايضًا