حمص تقطع نفسها بالمنشار

8

منذ أيام كان يوم الشجرة ورأينا الرئيس السوري بشار الأسد منهمكاً من رأسه لأخمص قدميه في زراعة شجر السرو مبيناً قيمة الشجر واهتمامه البالغ بالبيئة، وجاعلاً من نفسه قدوة لجميع أبناء الشعب السوري ليحذوا حذوه , أو أضعف الإيمان أن يحافظوا على الموجود. ولكن للأسف لم تكن هذه حال مدينة حمص التي لا زالت “منهمكة ” منذ 3 سنوات وحتى الآن بإزالة الأشجار من شوارعها؛ تارةً بحجة التطوير و”التعمير”، وتارةً بحجة هرم وشيخ الأشجار؟؟؟!!!

حالياً تشهد حمص السورية مجزرةً جديدة تجاه أشجار السرو ذاتها التي يزرعها رئيسنا ملوثاً نفسه بالتراب ليفهم الشعب قيمة التشجير والبيئة , أشجار سرو عمرها يزيد عن الخمسين عام ويصل طولها عشرات الأمتار “كانت” تحيط بمدرسة عبد الحميد الزهراوي الثانوية في شارع الملعب… تلك المدرسة التي تعود لأيام الاحتلال الفرنسي والتي تم تجديدها بطريقةٍ رائعة منذ فترة عن طريق قشر الدهان والإكساء المهترئ عنها، وترك جدرانها الحجرية على هيئتها، لتصبح مع أشجارها الشاهدة على تاريخها عملاً معمارياً جميلاً على سبيل التجديد في الساحة العمرانية لحمص.

أما الآن لقد تم محي هذا المشهد دون أي سابق إنذار وبطريقة وحشية، وتم إعدام أشجارنا الغالية. والحجة كما كانت ولا زالت دائماً “التحسين والتجديد”, فنحن على خلاف العالم كله الذي لم يعد يبني سوى أبنية خضراء وأبنية صديقة للبيئة ومنتجة للطاقة زارعاً سطوحها وشرفاتها على سبيل التعويض, والذي يتم استفتاء مواطنيه في الأعمال التي تطال بيئتهم المعاشة ومشاركتهم في أمور حياتهم وهوائهم الذي يتنفسونه. أما نحن لسنا بهذا الوارد ولا نحلق في هذا السرب على الإطلاق, لا زلنا نطيح بيد من الإسمنت ببقايا الجميل المتبقي دون قيد أو شرط.

وكما يقولون: الحبل على الجرار, فإزالة الأشجار بدأت من شارع الغوطة وطريق طرابلس وتمت سابقاً إزالة أشجار نخيل معمرة ورميها خارجاً, والآن أشجار الزهراوي إضافةً إلى أشجار شارع الحمرا بجانب فندق روتانا الذي يتم بناؤه حالياً, باختصار تمت “حلاقة” مدينة حمص من الأشجار, وهي المدينة الملوثة بمخلفات مصفاة البترول ومعمل السكر والسماد والتي تعج شوارعها بالدخان والسيارات, والتي تفتقر أصلاً للحدائق العامة والمسطحات الخضراء…

ويبقى السؤال: متى كانت العمارة والعمران أعداءً للإنسان؟

مروة محمد مطيع صابوني

إقرأ ايضًا