حياة البراري على قمة برج بيريوس

10

أتذكرون برج بيريوس اليوناني؟ تحدثنا عنه كثيراً في الآونة الأخيرة إذ استقطب البرج القديم المهترئ الكثير من المتنافسين الذين تفاضلوا في تصاميمهم لإكساءه بكسوةٍ تجمله وتجعله أكثر ملائمةً مع عصرية موقعه على أحد أهم وأكبر موانئ اليونان.

واحداً من أبرز العروض كان تصميم شركة Anthi Grapsa اللندنية بالتعاون مع Konstantinos Chalaris الذي نال الاستحسان تحت اسم Engineered Biotopes أو ما معناه البيئات الطبيعة التقنية، حيث يركّز التصميم على فكرة افتقار مدن منطقة آتيكا وتحديداً بيريوس إلى المساحات الخضراء للكثافة السكانية فيها مقارنةً بالمقاييس الأوربية.

تضمّن عرضهم لإعادة تشكيل هيئة برج بيريوس الخارجية استخدام تقنياتٍ تدمج الطبيعة بالبناء، وذلك بتسخير التقنيات الزراعية لجعل الطبيعة تزدهر على البرج باكسائه بالنباتات واستقطاب الطيور التي تملأ المنطقة إليه.

يتضح من الصور أن المخطط المتبع تطبيقه على الواجهة يتغير عمودياً، فعلى المحيط الخارجي لأول طابقين يتكون مشتل النباتات من شبكةٍ من أنابيب الزجاج المُستخدمة في تنشئة الغرسات ويبدو شكلها من بعيد وكأنها تومض، عاكسةً الضوء على الشارع للفت أنظار المارة.

ثم ومن الطابق الثالث حتى الثاني والعشرين تتكون الواجهة من رؤوسٍ صغيرةٍ قليلة الإنتاج الخضري لأجل العمال والزوار داخل البرج. ويرتكز هذا النظام على فكرة نتوء بعض الرافعات ذات النماذج المصممة خصيصاً لنمو النباتات. وترتبط الرافعات بواسطة دعمٍ ببرنامجٍ كمبيوتريٍ يغير من مواقعها تبعاً لحالة الطقس وضوء الشمس وقدر استهلاك الماء. ففي حال حصول أحد المحاصيل على الكثير من ضوء الشمس؛ ينقله النظام إلى الظل سواءً أفقياً أو عمودياً إلى أن يوجد له مكانه الأنسب.

أجمل ما يميز التصميم ويجعله في مصاف العروض المتميزة هو القدرة على تقريب الطبيعة من ساكن البرج بدرجةٍ يصعب أن تجدها في المدن. و هنا يطرح سؤالٌ هامٌ نفسه؛ أيرضى أي امرءٍ أن يمنح بعضاً من مساحته الخاصة للطبيعة؟ الإجابة لكم.

لا نُغفل في هذا المقترح المبتكر الجانب الجمالي في كون حركة النماذج الحاوية للشتلات الزراعية على الواجهة تخلق نوعاً من تصاميم الرقصات، فترمز بطريقةٍ ما أو بأخرى إلى الحركة الدؤوبة للقوارب وحاويات السفن في ميناء بيريوس.

ونأتي الآن إلى القمة، وقمة الإبداع في المشروع هي قمة البرج؛ إذ صُممت الأسطح لتكون أرضاً خصبة تسمح للطبيعة أن تستعمرها، ولتنموا عليها النباتات البرية جاذبةً الحشرات والطيور. وهنا نذكر أن العرض في حال تم تنفيذه فإنه يستدعي التطور ليكون نظاماً بيئياً ينتشر على كل مباني وأبراج بيريوس وأثينا جاعلاً المسافة بين السكان والطبيعة أقصر، مما يُحسّن من بيئتهم المعمارية والعمرانية.

ختماماً نشير إلى أن شكل الواجهة الجديدة للبرج يعكس النسيج العمراني لأفق المدينة والمناطق المحيطة متمثلاً بتعبيرٍ عموديٍّ يربط القلب بالقالب خالقاً هذا الشكل المألوف المحبب لأهالي المدينة. وبهذا ينفذ هدف المنافسة بحذافيره ويضفي على المدينة التميز والجمال.

إقرأ ايضًا