مبنى نيويوركي يثبت نفسه بالحيلة

3

يعد مبنى Murano واحداً من المباني السكنية الجديدة المبنية حديثاً في مدينة لونغ آيلند استجابةً للشعبية المتنامية للحي. وبوقوعها على نهر إيست، تم إعلان هذه المنطقة الصناعية السابقة في مدينة كوينز -المعروفة باسم LIC من قبل المحليين- على أنها “الحي التالي الأكثر نشاطاً وإثارةً في نيويورك” وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز المحلية.

وبما أن اسمه الأصلي كان “Prism” أو “الموشور”، لذا فقد أعيدت تسمية المبنى الزجاجي المؤلف من 11 طابق -المطور من قبل Hudson Equities والمصمم من قبل Gilman Architects- باسم Murano تيمُّناً بالجزيرة الإيطالية الشهيرة بصناعتها للزجاج.

في الواقع، لا يمكن لأحد أن يعارض منطق المنطقة الخاص، فهي تمتلك الكثير من العوامل التي تجري لصالحها. إذ يقع هذا الحي على بعد موقف أنفاقٍ واحدٍ عن وسط المدينة، ويمتلك مركزاً قوياً من المؤسسات الثقافية مثل متحف الفن الحديث (MoMa) ومتحف Noguchi اللذين سبق وأسسا سمعتهما في تلك المنطقة.

إلا أن LIC هي أيضاً حيٌّ دائم التغير والتحوُّل، وهو ليس جاهزاً تماماً بعد للانطلاق في وقت الذروة. وفي حالته هذه، نجده يستمر في الصراع مع التحديات التي تواجهها المنطقة بالجملة، وكأنه خدمة نقلٍ عامٍ تتفعَّل حيناً وتتعطل حيناً آخر، ولكنها تميل أكثر حالياً إلى أن تكون “معطلة بالغالب”، مما يجعل من استيعاب هذه الحالة أمراً غير ملائمٍ إطلاقاً، وخاصةً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتحتم عليهم أن يذهبوا يومياً إلى أماكن عملهم.

ولكن أولئك الذين يمكنهم أن يكبتوا استياءهم ويحتملوا مصاعب الجوار المتنامية، يمكن أن يعيشوا برفاهية في مدينة لونغ آيلند وبجزءٍ بسيطٍ فقط من تكلفة المعيشة في منهاتن. وخصوصاً عندما يجدون عزاءهم في المناظر الأخاذة لمنهاتن، هذه المناظر التي تقدمها المنطقة باستمرار بالاعتماد على موقع المتفرج.

فبالنسبة إلى مباني مثل Murano، الذي يبلغ معدل سعره 600 دولار للقدم المربع الواحد مقارنةً مع 1000 دولار للمساحة المحددة نفسها في منهاتن، يمكن للمشترين أن يبتاعوا كميةً كبيرةً من هذه الشقق السكنية في LIC، ولكنهم سيقومون بهذا بينما يغامرون بكون شقتهم المؤلفة من غرفتي نوم وحمامين لن تصبح أبداً تستحق الملايين.

كذلك الأمر، يعتبر شراء شقةٍ راقيةٍ في حيٍّ لم يثبت نفسه بعد مثل LIC مشروعاً مغامراً بامتياز، وهذا ما يدفع بعض مطوري المباني هناك إلى اللجوء إلى بيع “أسلوب حياة” أو Lifestyle مميز في مبانيهم لخلق الرغبة بها وصبغها بقيمةٍ مضافةٍ عليها أن تكتسبها لاحقاً.

هذا ويعد مبنى Murano سابقةً هامةً أو حالةً مثيرةً للاهتمام، فهو يعتمد على مناورات التسويق المتحايلة ليرتقي بقيمته إلى مصاف علامةٍ تجاريةٍ بنوعيةٍ لا تضاهى، لعله يكسب مصداقيةً فوريةً في محيطه العمراني المتطور وترقيةً مرموقةً لحالته بين منافسيه.

على صعيدٍ آخر، وبينما يشتهر كل من Murano و LIC بالمصانع وشقق الفنانين، إلا أن الشبه بينهما يتوقف عند هذا الحد. فعلى عكس سميِّه، يعتمد Murano من LIC لإبراز نفسه على النجاح السريع المبهر بدلاً من الصنعة والحرفة الراسخة.

إلا أن أجمل ما في المبنى وأكثر ما يلفت النظر إليه هي “الساعة الضوئية” التي تنير ردهة المبنى وواجهته بلونٍ مختلفٍ يتغير كلّ ساعة. فعلى الرغم من انتشار مثل هذه التأثيرات الضوئية في عمارة اليوم، إلا أن عرض التصوير بالألوان الذي يقدمه هذا المبنى يبدو أنه يشترك بصفاتٍ كثيرةٍ مع ساحة تايمز أكثر مما يفعل مع صورة المبنى الراقي التي يحاول أن يوصلها Murano عن نفسه.

السمة الأخرى التي يتميز بها المبنى والتي يصعب التعبير عنها هي الخندق المائي، الذي يوجد اثنين منه. حيث يؤكد موقع المبنى على شبكة الإنترنت بأن هذا الخندق يهدف إلى أن يكون بمثابة عتبة بين البيئة القاسية للمدينة والطبيعة الساكنة للمبنى. كما يبدو وكأنه يستخدم بهجته ليفيد بأن هذا المبنى هو جزءٌ من “الموجة الجديدة”، وبالتالي بأنه متماشٍ مع الموضة.

ولكن هذا يأخذ الاستعارة المجازية للجزيرة إلى حدٍ بعيدٍ جداً، لأن هذا المبنى يستقر في مساحةٍ طبيعيةٍ مهجورةٍ، على الرغم من أنها تتمتع بطاقةٍ كامنةٍ كبيرةٍ، فضلاً عن أنها محدودة بطريق سكة حديد Long Island Rail Yards والمباني الصناعية الشاغرة، ووقوعها ضمن مدى النظر من برج مسرب الهواء في نفق وسط مدينة كوينز في مدينة نيويورك.

يبقى السؤال المحيِّر، هل هذا المبنى هو رمزٌ جديدٌ لمدينة Long Island أم أنه مجرد خدعةٍ قديمةٍ مكشوفة؟

إقرأ ايضًا