بركان جديد في أيسلندا ينظّف سماءها

7

شغل بركان أيسلندا في الآونة الأخيرة العالم أجمع بغباره الذي مثّل الخطر الأكبر على حركة الطيران العالمية، والآن تعود أيسلندا لتشغل العالم مجدداً بمحطة توليد باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية قادرة على الاستجابة لمتطلبات عاصمتها مع المحافظة على هوائها نقياً.

منذ عشرة سنوات تقريباً وبالتحديد في عام 1990 أطلقت إدارة التدفئة الحرارية الأرضية منافسةً مفتوحة لتصميم مبانٍ معمارية لتضم آبار المياه الساخنة، وقد فاز على إثرها فريق PK المعماري في الجائزة الأولى من بين أكثر من 80 مشروعاً، ويعتبر مشروعنا لليوم المولود الأول لهذه المسابقة، ففي انتظار ظهور المباني الأخرى يتوقع القائمون على المشروع بأن تمثل بمجرد الانتهاء منها رموزاً حية عن التزام مدينة ريكيافيك في أيسلندا باستغلال الموارد الطبيعية على أكمل وجه.

تبلغ مساحة محطة توليد باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية هذه 14 متراً مربعاً، حيث تم تنفيذ الكتلة المعدنية بأبعادٍ تصل إلى 3× 6,5 متراً، ومن ثم تم إكساء جدرانها المنحنية بمادة الستانلس ستيل، كما ويفصل بين جداري هذه الكتلة بابٌ عند كل نهاية، ويذكر أن فريق PK قام بتصنيع هذه المحطة مسبقاً قبل أن يتم تجميع أجزائها في الموقع وتصبح على ما هي عليه الآن… بئرٌ للمياه الساخنة، ليكشف بناء البئر هذا عن آليةٍ فريدة من نوعها تم تثبيتها على رأس البئر حيث تقوم بضخ المياه ومن ثم توزعها في جميع أنحاء المدينة.

ويأخذنا هذا المشروع إلى فترة العشرينيات والثلاثينيات من هذا القرن عندما كان الدخان المنبعث من مداخن المنازل والسحب السوداء يخيم على سماء المدينة، ليمثّل واقعاً لطالما ارتبط بمدينة ريكيافيك التي اشتهرت بانخفاض مستوى الرؤية فيها بشكلٍ حاد، ولكن وعلى الرغم من هذا الجو المفعم بالدخان لم يخل الأمر من بعض المبادرات الفريدة، ونذكر هنا قيام بعض الرجال معاً بابتكار خطةٍ لتسخير الحرارة التي كانت محصورةً في جوف الأرض تحت المدينة.

فقد حمل عام 1928 بشارة خير لأهالي ريكيافيك، حيث شهد ذلك العام أول حفرة للمياه الساخنة في قلب المدينة صارت تدعى فيما بعد Washing-pools of Laugardalur، لتتالى بعدها الحفر عقب ذلك، وتبلغ حوالي 50 داخل حدود المدينة، إذ يبلغ عمق الحفرة الواحدة حوالي 2 كم وتنتج ما يصل إلى 80 درجة مئوية. والآن لا مكان للسحب السوداء، فسوف تتفاجأ عزيزي القارئ عند زيارة ريكيافيك بصفاء وسكينة المدينة، حيث باتت جميع المنازل على موعد مع المياه الجوفية وودعت نظام التدفئة القديم بواسطة الوقود إلى غير رجعة، ومن اليوم وحتى ما شاء الله سوف تحظى ريكيافيك بهواءٍ نقي ونظيف من الدرجة الأولى.

وفي تفاصيل آلية عمل هذه الآبار سوف تلاحظ بالنظر إلى الصور المرفقة وجود عنصرٍ طويل يتدلى من السقف على جانب المبنى، إذ يحتوي هذا العنصر على نظام تكييفٍ للهواء يقوم بالتقاط الهواء من الأعلى ومن ثم يضخه في الأرض، وبالاستفادة من دوران الهواء يتم تبريد المحرك وزيادة معدل الضغط في الداخل لتجنب دخول الغبار وإلحاق الأضرار في نظام المحرك.

وأخيراً سوف يسترعيك بالتأكيد أنبوبٌ خارجٌ من الجدار بجانب عنصر تكييف الهواء الذي تحدثنا عنه منذ قليل، حيث يسمح هذا الأنبوب بخروج البخار الناجم عن غلي الماء إلى الهواء، وهنا لا بد لنا من أن نعقب على ريكيافيك نفسها التي تعني حرفياً “خليج الدخان”، فقد أطلق المواطنون على المدينة هذا الاسم بوحيٍ من الدخان الذي لطالما عبقت به سماؤها، أما اليوم فنعتقد بضرورة تغيير الاسم ليليق والبخار المنبعث من آبارها علّه يصبح خليج البخار مثلاُ.

إقرأ ايضًا