الفلّين يقتحم عالم مواد البناء

4

لطالما كان الإبداع والإتيان بأفكار جديدة الهمّ الأوحد والشُغل الشاغل للمعماريين والمصممين حول العالم. إلا أن هذا الإبداع ينتقل إلى مرحلةٍ جديدةٍ فعلاً هي تطوير مواد البناء مع الفنان والمعماري ميغيل أرودا الذي قام بتشكيل هذه “المنحوتة القابلة للسكن”، لينقل من خلالها الذاكرة الشكلية لأحد منحوتاته الأولى من حقبة الستينيات إلى اليوم الحاضر ويعطيها حجماً وتجربةً فراغيةً خاصةً بالعمارة.

بدعمٍ من شركة Amorim Cork Composites -إحدى الشركات التابعة لمجموعة CORTICEIRA AMORIM- يتم الآن عرض واحدة من المنحوتات الفنية غريبة الشكل والتصميم -“المنحوتة الصالحة للسكن” أو Habitable Sculpture- في مهرجان Fora de Si الخاص بمركز Belem الثقافي والمعرض الفني الذي يحدث كل سنتين لعام 2010 واحتفالية العمارة التي تحدث كل ثلاث سنوات في لشبونة (Lisbon Architecture Triennale).

تلك المنحوتة التي حملت اسم “Modulo” أو “النموذج” أو “الشكل” والتي عُرضت في صالة Diario de Noticias في عام 1986، هي الآن تخضع لعملية توسيع حجمها الأصلي بمقدار 56 ضعف. ليتم فيما بعد تطبيق السمات الملموسة للأحجام الأولى لتلك المنحوتة على الخارج والداخل.

فتعطي هذه المنحوتة الجديدة المغطاة بالفلين بالكامل بأبعاد 9×10×5 متر مستوى محدداً من الصلاحية للسكن، مما سمح لمصممها بترجمة مفهوم “المنحوتة القابلة للسكن”. وهذه هي التجربة المادية بالتحديد التي يهدف المصمم إلى مشاركتها مع العامة.

انطلاقاً من وجهة نظر البناء، تبدي كتلة معدنية مستخرجة من المقياس الأولي -الذي تم تحويله الآن من نظامٍ يدوي إلى نظامٍ إلكتروني- استجابةً إنشائيةً إلى موقع الكتلة الجديدة. هذه الكتلة التي تنتظر تلقي طبقات مختلفة من المواد مثل الفلين، مع ميلٍ إلى الكسوة اللاشفافة، أو العناصر النباتية مع مستوى محدد من الشفافية.

وفي كلتا الحالتين، يدرك المرء تعريف المساحة الداخلية بينما تنتِج أوضاعاً حسّيةً مختلفةً. وهكذا فإن حدائق الزينون في لشبونة في البرتغال تعد منطقة يمكن فيها للزوار أن يعيشوا هذا الجزء ويختبروا ملكيةً تصوريةً رباعية الأبعاد للفن، الفن كمكان والمكان كمفهوم “المنحوتة القابلة للسكن”.

لكل المهتمين، نعلمكم أنه سيتم عرض هذه المنحوتة ابتداءً من 15 تموز وحتى نهاية شهر آب في حديقة الزيتون في مركز Belem الثقافي. ولأن تركيز المعماري الرئيسي كان على إثارة إحساسٍ بالإقامة في المنزل المشكَّل على هيئة قطعةٍ فنيةٍ، جاء الفلين كالمادة الخام الوحيدة التي تعطي هذا الأثر المرغوب. إلا أنه بينما تم اختيار هذه المادة للكسوة، جاءت القاعدة بمادة الفلين الليفي، في تصميمٍ أخضر 100%.

ومع الأخذ بعين الاعتبار درجة الشفافية والحرارة، يعد الفلين المادة الأكثر ملاءمةً لتغطية الأسطح الداخلية والخارجية في هذا الهيكل الذي يهدف إلى إثارة فضول الزوار المدعوين للسكن فيه لفترةٍ وجيزةٍ، ليختبروا مادياً الإحساس بهذه المادة وأثر خاصية التجربة رباعية الأبعاد.

علاوةً على هذا، يتناغم الفلين جيداً مع الطبيعة لأنه طبيعيٌّ ومتجددٌ 100%. والملفت أن هذه المادة هي نفسها التي تم استخدامها في جناح البرتغال في معرض شنغهاي العالمي. هذا عدا عن كونها تتناسب تماماً أيضاً مع التطور المستدام الذي يلقى اهتماماً دولياً واضحاً في الآونة الأخيرة.

بعد أن رأينا هذه المحاولة لإدخال مواد جديدة على عالم البناء، التي ربما تكون سبباً في تغيير معالم المشهد العمراني العالمي، هل يعقل أن تنجح التجربة فنرى أنفسنا في المستقبل نسكن بيوتاً مصنوعةً من الفلين؟

كل شيءٍ ممكن في عالم العمارة!

إقرأ ايضًا