كتلةٌ دوّارة تمد أذرعها الثلاثة على شاطئ أمستردام

2

بين ليلةٍ وضحاها، استفاق سكان شاطئ نهر IJ في أمستردام في هولندا على كتلةٍ غريبة الشكل تمتد أمامهم، إنه التصميم الذي كان واحداً من المشتركين في مسابقة تصميم مرفقٍ ثقافيٍّ في ميناء Houthavens West في أمستردام، ولكنه ليس مشتركاً عادياً بل ذلك الحاصل على الجائزة الأولى بجدارة.

فبعد منافسةٍ قويةٍ بينه وبين الكثير من التصاميم المتميزة، ربح الاستديو النمساوي NL Architects مسابقة تصميم منصة مسرحٍ تهدف لوضعها على حائل الأمواج في نهر IJ في أمستردام.

وكما يتضح من اسمها “Multi Mill” أو “المطحنة المتعددة”، تهدف هذه الكتلة إلى استضافة مجموعةٍ متنوعةٍ من العروض بما فيها المسرح والسينما والأزياء والنحت وفن الصوت والإضاءة والرقص والفيديو والموسيقى. إذ يتألف التصميم من ثلاثة أذرعٍ ممتدةٍ من منصةٍ مركزيةٍ، وهي الشاشة والمقاعد المدرَّجة والممر الطويل. كما سيسمح قرصٌ دوارٌ لكامل الكتلة بإدارة الكتلة للتناغم مع الأنواع المختلفة للفعاليات.

المنصة الثقافية:

كلَّف ميناء أمستردام كلاً من Roos Burger و Yvon Yzermans-المؤرخين الفنين المتحدين- بمهمة تطوير مرفقٍ ثقافي ورعاية الفعاليات الخارجية المتنوعة التي ستجري على أرضه. حيث يسعى المرفأ إلى تطوير المنطقة وجعلها أكثر جاذبيةً بالنسبة للعامة من خلال إيجاد مكانٍ للاجتماع في منطقة الانتقال بين المدينة والميناء. فكانت فكرة استديو NL Architects إنشاء “قاعدةٍ” مرنةٍ يمكن أن تستوعب أشكال الفن المختلفة.

موقع المشروع:

سيتم وضع وتقديم هذه المنصة الثقافية والعنصر الفني الهام الجديد على شارع Haparandadam على ضفاف نهر IJ, في خطوةٍ تبعث الكثير من البهجة والنشاط في هذه البيئة النشيطة والقوية، مما سيؤمِّن منظراً ملهماً وخلفيةً ديناميكية متحركة. من ناحيةٍ أخرى، يُعتَبر هذا الامتداد من الأرض في أمستردام حديثاً جداً لدرجة أنه لا يظهر حتى على محرِّك البحث عن المواقع في غوغل. إلا أن Haparandadam سيكون حتماً “على الخريطة” قريباً جداً.

الميناء المتحوِّل:

يمكن اعتبار ميناء أمستردام عمليةً مستمرةً من التحوُّل، فتبعاً لتوسُّعات النطاق، تنتقل نشاطات المرفأ من الشرق إلى الغرب باتجاه البحر، مما يتيح فتح مناطق أكبر من أجل تطويراتٍ جديدة.

وإلى جانب صناعة الميناء الموجودة أصلاً، تصبح بيئته عبارة عن “بيئةٍ عمرانيةٍ” أكثر حيوية وأكثر تعقيداً. بدوره، يتضمن هذا مزيجاً من الوظائف، من معيشةٍ وتعليمٍ وعملٍ وثقافةٍ وترفيه.

كما سيتم الآن تحويل Houthavens -“ميناء الخشب” السابق- إلى منطقةٍ سكنية، ولكن هذا لا يمنع أبداً من أن الصناعة المبدعة ستجد بالطبع “بيئةً طبيعيةً” مثيرةً هنا. وعلى الرغم من تحويل هذا الجزء القديم من الميناء إلى منطقةٍ مأهولة، مازال الميناء يشكل بديلاً “قاطعاً” للمدينة الداخلية المرعيَّة والمحدَّثة بشكلٍ متزايد.

وإذا ما استعرنا إحدى مصطلحات علم النفس، يمكن القول بأن هذا الميناء سيصبح “الأنا الثانية” النشيطة في أمستردام.

طريقة تحويل الميناء:

شكَّل تنوع المهمة التحدي الأكبر للعمارة، فكان لا بد من الإجابة على السؤال التالي: كيف يمكن أن تستضيف مساحةٌ فراغيةٌ مفردةٌ جميع الوظائف بطريقةٍ معقولةٍ؟

للرد على هذا السؤال، جاء مخطط المشروع مؤلفاَ من ثلاث أجنحةٍ مرتبطةٍ بمنصةٍ مركزيةٍ. وتمتلك هذه الأجنحة أشكالاً محددة تتناسب والاستخدام المحدد المخصص لها. حيث يمكن أن تدعم هذه “الأذرع” عروض الأزياء والسينما والمسرح في وقتٍ واحد.

الغاية من مثل هذا التصميم هو التحفيز على إقامة برامج متنوعة، وإلى جانب الطرق الواضحة التي يمكن فيها استخدام هذا العنصر بطريقةٍ فعالةٍ، يأمل التصميم المميز أن يحفز على “الإقامة” غير المتوقعة. هذا لأن الفكرة الرئيسية تكمن في تطوير عنصرٍ قابلٍ للتعديل يمكن أن يُستَخدم ككلٍّ من منصة ومدرَّج.

القرص الدوار:

يهدف التصميم إلى استخدامه ككتلةٍ دوارة، حيث ستسمح المنصة الدوَّارة ومتعددة الأشكال بتأدية العروض الفنية مع خلفياتٍ متغيرةٍ. هذا عدا عن إمكانية تغيُّر العلاقة مع السياق بحسب الرغبة، في الوقت الذي سيكون فيه المنظر من وإلى التجويف ديناميكياً متحركاً. فمن خلال تدوير المنصة يمكن الانتقال من وظيفةٍ إلى وظيفةٍ أخرى. بمثل هذه الطريقة، يمكن أن تكون الساحة أمامها “مفعَّلةً” بطرقٍ مختلفة.

الساحة:

بفضل الموقع الممتاز على طرف رصيف الميناء، سيتم تقديم مطعمٍ مرفوعٍ في محطةٍ إذاعيةٍ سابقةٍ بعيدةٍ عن الشاطئ، بالإضافة إلى نقطة ركنٍ مؤقتٍ للسيارات الخاصة بقباطنة السفن ومصفٍّ للسيارات وحلقة انعطافٍ للشاحنات.

والأهم من هذا كله هو أن هذا العنصر سيعمل حتماً على تنشيط المنطقة المرصوفة الكبيرة إلى حدٍ ما، إلى أن تتحول من ساحةٍ وظيفيةٍ بالكامل إلى منصةٍ ثقافيةٍ بلمسةٍ عجيبة.

إقرأ ايضًا