الزخارف العربية في واجهات المزارع الإيطالية التاريخية

13

لم يكن على المعماري بيتر بيتشلر سوى تثقيب مصاريع الواجهة لتتحول واحدةُ من مزارع القرن الرابع عشر في بلدة بوليا الإيطالية إلى منزلٍ عائلي بامتياز، حيث لطالما حظيت المزارع العريقة -منذ أكثر من 500 سنة- في هذه البلدة والمصنوعة من حجر التوفو الرملي المحلي بأهميةٍ اقتصاديةٍ بارزة، ولكن للأسف هُجرت هذه المنازل من قبل أصحابها بعد الحرب العالمية الثانية، وباتت خاويةً على عروشها بمرور الوقت.

وهو ما زاد من عزيمة بيتشلر الذي أراد أن تعود الحياة إلى هذه المزارع التي كانت يوماً ما مركزاً لإنتاج القمح واللوز والنبيذ وزيت الزيتون والحليب، فقد شهدت السنوات الخمس أو الست الماضية عودةً حميدة لمالكي المزارع القديمة، الذين شرعوا بتحويلها إلى فنادق ومتاحف وحتى إلى مساكن خاصة.

وإحدى أهم المزارع هي مزرعة كازا بوليا الواقعة على إحدى التلال الصغيرة قبالة البحر، إذ تتألف من مطبخٍ صغير يرتبط مباشرةً وغرفة المعيشة بالإضافة إلى ثلاثة غرف نوم وحمامين، كما وتحيط بهذه المزرعة حديقة ضخمة مزروعة بنباتاتٍ تقليدية تمتد باتجاه الشرق، في حين تمتاز كازا بوليا دوناً عن غيرها بقناطرها الداخلية التي تمتد على عرض الغرف وتنبثق عن الجدران الخارجية، مما يخفف من وطأة الداخل، حيث يبلغ عمق الجدران القديمة حوالي 80 سم في بعض الأحيان.

وفي المقابل جاءت خطة تجديد المزرعة لتوسع نطاق تلك القناطر “الديكورية” في الواجهة الخارجية لتوفير وصول الضوء مباشرةً من الغرف باتجاه المساحة الخارجية المميزة، بوحيٍ من التأثيرات المعمارية اليونانية والعربية التي امتدت من القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر، فقد قام بيتشلر بتخريم ألواح الواجهة المصنوعة من الألمنيوم التي تم استخدامها فيما مضى كمصداتٍ شمسية، باستخدام تقنياتٍ قياسية خاصة بقياس كثافة الكتلة، وهو ما ساهم بترشيح الضوء في المساحات الداخلية إلى الخارج، وتحويل كتلة المزرعة من مجرد كتلة رقيقة مفتوحة إلى سطحٍ شبه مغلق، والأهم من هذا وذاك، محاكاة النمط الكلاسيكي العربي “الخطي” ولكن ضمن قالبٍ معاصر.

وأخيراً تخضع الأضواء والظلال إلى العديد من التغييرات أثناء النهار لتنعكس الآية في الليل وتتركنا نستمتع بتأثير الواجهة المتوهجة.

إقرأ ايضًا