عندما كان طفلٌ صغير يخط رسماً ضخماً لفاكهته المفضلة، كان الأهل ينبهونه وجوب الالتزام بقواعد الطبيعة، فليس هناك موزة تتجاوز طول صفحة الدفتر، ولكن مع مرور الوقت، لم يعد حتى لقواعد الطبيعة مكان.
فإن كنت أماً أو كنت أباً، ننصحك عزيزي القارئ بترك طفلك على هواه، فلربما يحمل في داخله بذور معماري في المستقبل، ولربما تحولت تلك الموزة الضخمة إلى تصميم معماري يضاهي كبرى التصاميم العالمية.
ليس الأمر بمزحة على الإطلاق، فقد قام المعماري كينغو كوما مؤخراً بتقديم اقتراح لتصميم متحف جديد للفن في مدينة تاييبي في تايوان يشبه إلى حدٍ كبير موزة خضراء عملاقة أطلق عليها اسم “الخلية الخضراء”.
قد لا يبدو الاقتراح مطابقاً لرسم الموزة تماماً، ولكنها الكسوة الخضراء هي من تعطي هذا الشعور للرائي، بالإضافة إلى السقف الأخضر العازل ومصابيح LED الفعالة ومجموعة الألواح الشمسية المدمجة بالمبنى.
يشغل متحف تاييبي الجديد كمركزٍ ثقافي في الدرجة الأولى، ولكن بالإمكان أن نصنفه، بفضل المجموعة الكبيرة من مرافق التجزئة، مشروعاً متعدد الاستخدامات، حيث تقوم هذه المرافق بتشكيل جسر إلى محطة القطار القريبة والتلفريك.
بدورها تقوم القاعة المركزية بربط المتحف مع ضفة النهر، مما يجعل من السهل جداً استخدام وسائل النقل العام والوصول إلى المتحف من دون سيارة. وفور دخول القاعة المركزية، سيتمكن الزوار من المشاركة في مجموعة من ورش العمل واللقاءات بالإضافة إلى حضور المعارض الرئيسة.
أما خارج القاعة، فسوف يلاحظون وجود مستويات مختلفة من المعارض التي تتتصاعد وصولاً إلى منصة المراقبة والمطاعم في الجزء العلوي من المبنى، الذي يبدو بدوره ملتفاً بشبكة تتألف من طبقتين مزدوجتين، إذ تمتد هذه الكسوة من الأسفل إلى الأعلى، في محاولةٍ من فريق كينغو كوما خلق مساحات مظللة.
ومن الملفت، عدا عن كونها -أي الكسوة- مشبكة على نحوٍ تسمح فيه بتهوية المبنى، بأنها متوهجة بشكلٍ استثنائي في الليل، على نحوٍ يشعر فيه الرائي بأنه ينظر إلى جوهرة.
يذكر أن هذا المتحف ليس بأول متاحف كينغو كوما، فقد قمنا منذ فترة بالإعلان عن فوز الشركة اليابانية بتصميم متحف فيكتوريا آند ألبرت في دندي، اسكتلندا.
وعلى الرغم من أن هذا المتحف لم يفز بالمركز الأول، كما هي حال متحف فيكتوريا آند ألبرت، استطاع الفريق من خلال التصميم المستدام طرح تصورٍ جديدٍ عن المتاحف، أقرب إلى العامة وبالطبع أكثر استدامة.