مشروع رابح من كل الجهات

7

على نقيض المباني المكتبية التي تركز عادةً على تأمين مساحاتٍ مرنة وعملية دون الاكتراث بالنواحي الجمالية أو تلك المتعلقة بالاستدامة، يأتي مبنى بوسطن فيوجن ليغير هذا الواقع إلى الأبد، ويطرح أنموذجاً جديداً للمساحات المكتبية المستدامة تماشياً مع خطة الحكومة الأمريكية الرامية إلى تنشيط جنوبي بوسطن وتحويله إلى واحدةٍ من أكثر الأحياء الأمريكية خضرةً.

فقد نجح المعماري الدنماركي كريستيان بيه يورجنسن من شركة Bay Arch في مشروع بوسطن فيوجن أن يضخ الحياة في جسد السقف، بإقحامه العديد من التراسات والأسقف الخضراء، مما عاد على جيوب المستثمرين بالخير دون أية آثارٍ جانبية سلبية على البيئة، كما يحصل عادةً في هكذا مشاريع، حيث الغاية تبرر الوسيلة.

فمن المتعارف عليه أن تبقى أسقف المباني بعيدة عن نطاق الاستثمار، والكلام هنا لبيه يورجنسن، ولكن هذا لن يجدي نفعاً في وقتنا الحاضر، ونحن نعاني من وطأة التغييرات المناخية القاسية، حيث تحتم علينا هذه التغييرات اتخاذ اجراءاتٍ احترازية لحفظ الطاقة وابتكار الحلول المستدامة.

ولذا قام بيه يورجنسن بتصميم المبنى وكأنه تلة من التلال المنتشرة في الأرياف، لترتفع هذه التلة حتى 17 طابقاً، وتكشف الطوابق الثلاثة العلوية منها عن شققٍ سكنية صغيرة ممتدة حتى سطح السقف، بينما تتنحى إلى الأسفل منها المساحات المكتبية والمقاهي والمحلات التجارية، إلى جانب الساحات الخضراء المفتوحة والممرات المنحدرة، التي تلتف من مستوى الشارع وصولاً إلى سقف المبنى.

… لقد كانت النية إحياء الريف الأمريكي في ذاكرة أبناء بوسطن دون الاستخفاف بروح العصر، حيث تم دمج آخر صيحات التكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة في الواجهة الخامسة من المبنى، بمساعدة فريق Icopal المتخصص بصناعة الأسقف والأغشية العازلة للمياه.

فقد قام بيه يورجنسن بتكليف فريق Icopal لابتكار نسيجٍ مصنوع من اللباد لتنقية الهواء، ليغطي السقف الحراري ومجموعة الخلايا الشمسية التي تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية والمقحمة في السقف الأخضر، مما ساهم بتخفيف الضغط عن نظام الصرف الصحي في المدينة، والحد من التلوث البيئي.

وأخيراً وعلى الرغم من العديد من الملامح المستقاة من منطقة بيكون هيل التي تمثل الاستدامة الاجتماعية، يكشف المشروع، من الناحية المعمارية، عن تأثره بالمباني المكتبية المعاصرة المنتشرة في مقاطعة بوسطن المالية، التي تمثل شريان الحياة في بوسطن فيوجن.

حيث تشترك المكاتب والمحال التجارية في تحويل المشروع من مجرد مشروعٍ معماري متعدد الاستخدامات، إلى مشروعٍ تجاري رابح لكلا المستثمرين والمطورين، ناهيك عن كونه -والفضل لسقفه- واحداً من أهم المشاريع المستدامة التي تشهدها بوسطن منذ سنين.

إقرأ ايضًا