جمال الشواطئ البرازيلية يتجلى في منزل Casa Tropical

3

تُعتبر قرية Mundaú واحدة من قرى الصيادين على شاطئٍ واسعٍ في شمال شرق البرازيل، إلى الجنوب من خط الاستواء. وتنقسم فصول السنة فيها إلى فصولٍ جافة وأخرى رطبة بدرجات حرارةٍ تتراوح بين 22 إلى 33 درجة سيليزية. كما تستمر الأمطار بالهطول بغزارةٍ من كانون الثاني وحتى تموز لتُبقي التربة خصبةً مزدهرةً بالخضرة حتى كانون الأول.

وفي هذه الأجواء الفريدة تمثّلت رغبة العميل بالحصول على منزل عطلاتٍ بثلاثة غرف نومٍ يتسع فيها المجال للاتصال بالطبيعة. وهكذا استبدل المصممون Vasco Correia و Patricia Sousa من شركة Camarim Architects الحل المعماري التقليدي الذي يدعو لتصميم كتلةٍ مضغوطةٍ ذات توزيعٍ داخلي، واستعاضوا عنها بصالةٍ تحيط بطوابق المنزل الثلاثة وتعادل 50% من مساحة المنزل. حيث يحمي السقف المعلق والكسوة الخشبية التي تغلف المنزل المساحات الداخلية من أشعة الشمس ولكن تتركه معرضاً للرياح الشمالية الباردة وتجنب القاطنين من استخدام مكيف الهواء.

وفي منطقةٍ تتمتع بمناظر طبيعية خلابة كهذه ألهمت عناصر الطبيعة المصممين فجعلوا من تصميمهم قطعةً فنيةً تكملها الأرض والشمس والظلال وأشجار نخيل جوز الهند وكثبان الرمال والشاطئ، ليشعر الساكن في المكان بإغراء القرب من الطبيعة والإحساس ببعدها بنفس الوقت.

حيث يتصل كل واحد من الطوابق الثلاثة بمنظرٍ طبيعيٍّ جديد يقترب من الطبيعية بطريقته الخاصة، فأول هذه المشاهد يتمثّل بالمنصة الموجودة على مستوى الشارع والتي تطل على الحديقة. في حين يظلل السطح جناحين كبيرين ليخلقا شرفةً مفتوحةً بمناظر واسعة على الحديقة تحت ظلال المنزل.

ويمكن الوصول إلى الغرف عبر الصالة التي تحيط بها كسوةٌ خشبيةٌ تضمن لها الخصوصية والإطلالات الجميلة والتهوية والظلال، وكلها أسبابٌ تجعلها أنسب خيارٍ كغرفة معيشة. وتتميز الجدران بصلابة الطوب المصنوع يدوياً ومطليةٌ بلون الثلج الأبيض.

أما غرفة المعيشة فنجدها هنا وكأنها منزلٌ خشبيٌّ كمنازل الخيال في قصص الأطفال متوضعة على قمة المنزل الإسمنتي لتطوف بين قمم أشجار النخيل، كما ترتفع الجدران الزجاجية لأكثر من ثلاثة أمتار فتدمج الداخل بالخارج وتجعل من نخيل جوز الهند وكثبان الرمال والبحر جزءاً من التصميم الداخلي.

وهنا لابد لنا من أن نشير إلى أن هذا الموقع قد ضم سابقاً منزلاً قديماً ذا بنيةٍ ضعيفةٍ رغم تصميمه العقلاني. ليأتي تصميم المنزل الجديد ويتموضع حول هيكله بعد تدعيمه ليتمكن من حمل المنزل الخشبي على قمته.

وقد تحكمت صعوبة الوصول إلى Mundaú بالعمل المعماري القائم على المشروع، فتجاوز مصمموه كونهم معماريين وتحولوا إلى عمال أحياناً. فقاموا بالاعتناء بكل شيءٍ بأنفسهم بدءاً بالتصميم وانتهاءً بالخدمات، كالأبواب المنزلقة المصنوعة بنظام القطع ووصولاً للأسرّة والثريات. وهكذا استطاع مقاولي البناء إنهاء مشروعهم على مساحة 490 متر مربع خلال سبعة أشهر. بعيداً عن أعمالٍ جانبيةٍ قاموا بها كالتراكيب الخاصة بالمطبخ؛ الزجاجية منها وغيرها. وقد تمت الاستعانة بنجاريين محليين وبعض الحرفيين الذين توارثوا الخبرات بالتعامل مع مواد الأرض الطبيعية في المنطقة عبر أجيال، فكان أن نتج بناءٌ من صنع الأيدي.

وقد اضطرت عصرية التصميم إلى إدخال تقنياتٍ جديدةٍ إلى المنطقة، فسكانها سيرون لأول مرةٍ بناءً ضخماً قائماً بذاته، وكذلك الأمر السقف المعلق على العليّة وألواح الزجاج الكبيرة التي تقف كجدران للمنزل.

أما تصميم الحدائق فلم يكن تقليدياً أيضاً، إذ كان مجرد تدخل بسيط بالجمال الذي يحيط بالمنزل، فقد تم اختيار بعض الأشجار لتبقى، ثم تم قص البقية مع الاهتمام بتنظيف الأرضية من الأعشاب والحفاظ عليها رملية. أما قنوات الري المتوزعة في الأراضي فقد تم تنظيمها بشكلٍ طوليٍّ متناسقٍ عبر الحديقة.

كما تم تصميم المكان وتنظيمه بإرساء بعض الأحجار لتحدد مساحة الحديقة حول المنزل، ثم وُضعت طاولةٌ تحت تعريشةٍ جميلةٍ من امتدادات أشجار الفاكهة، ليمر الشارع تحت ظلال شجرة الجوز القريبة، ناهيك عن وجود ملجأٍ وسط خضرة الأشجار.

أما الجدران الإسمنتية فقد تم تثقيبها بنعومةٍ بالغةٍ لتسمح بدخول بعض الضياء والظلال الخضراء مع تماوج حركة أوراق الأشجار في الخارج، فتنعكس بلطفٍ على المساحات الداخلية بعد أن أصبحت جدراناها شبه شفافة. وتعمل هذه الثقوب على السماح بتبادل الهواء الذي يحرك أوراق الشجر ويمر فوق المياه فيرطب الأجواء في الفصول الجافة.

وبانتقالنا للحديث عن أنظمة التبريد غير المباشرة فقد تحقق معظمها في البهو، إذ نجد المظلات تظلل المساحات الداخلية من الشمس الاستوائية، وتبقي الأجواء مفعمةً بنسيم الجبال. وتعمل الكسوة الخشبية التي تغلف المنزل على حمايته من وهج الشمس وتخلق أجواءً حميميةً في غرف النوم والأطر المحيطة بالمنزل.

يحصل المنزل على حاجته من مياه الشرب بثلاثة طرق؛ فهي إما مياه منسابةٌ من السقف أو من الجدول العميق المتاخم للمنزل مياهٌ يتم نقلها إلى المنزل بالعربات الشاحنة، لتتم فيما بعد تصفيته وفلترته قبل ضخه إلى أنابيب المياه الممددة عبر جدران المنزل.

وعن توليد الطاقة نذكر أنه يتم بالاستعانة بأشعة الشمس أو الرياح القوية في المنطقة، أو من الشبكة العامة حيث تمتد الخدمات الهيدروليكية والكهربائية والغاز وخطوط الهاتف في لُبين عموديين موصولين إلى الحمامات الخمسة والمطبخين لأعمال الصيانة. وبغياب بنيةٍ تحتيةٍ للصرف الصحي تم تزويد المنزل بخزان مياهٍ مزودٍ بنظام فلترةٍ عالي الكفاءة يُنقي 90 بالمئة من المياه، وكلها خدمات لم يسبق لها مثيل في المنطقة.

وهكذا نجد أن Camarim Architects قدمت لعميلها الجمال على طبقٍ من التقنيات المتقدمة الحديثة التي ستجعل من منزله ملاذاً يرنو إليه في العطلات ليندمج –كما كان يتمنى- مع الطبيعة وجمالها عن قرب.

إقرأ ايضًا