فيلا رقم واحد

14

لا تستغربوا أعزائي القراء من اسم مشروعنا لليوم، فهو مجرد تفسير لحاله…

إذ وبعد شهرين فقط من تأسيس شركة باور هاوس المعمارية في عام 2005 جاءت هذه الفيلا في هولندا كأول مشروعٍ لفريق العمل على الإطلاق.

تقع هذه الفيلا وسط غابة فسيحةٍ من أشجار الصنوبر، لذا كان من البديهي أن يستفيد البرنامج التصميمي بشكلٍ كامل من المناظر الطبيعية المحيطة، الأمر الذي جعل توجيه البناء يتمتع بأفضل إطلالة ممكنة على الخارج وعلى ضوء النهار الطبيعي.

كما تم غمر نصف كتلة البناء تحت الأرض بهدف ملاقاة قوانين التخطيط المحلية، الأمر الذي عاد على المنزل بالكثير من الخير، إذ وبفضل هذا الخيار يتمتع المنزل بتنوعٍ مذهل في التجارب الفراغية؛ حيث تتجمع فوق الأرض كامل الكتلة في عناصر فرش فريدة ضمن ما يسمى “الصندوق الزجاجي”، في حين تم حفر مساحات القبو “ذي طابع القرون الوسطى” في الكتلة نفسها.

كما ذكرنا آنفاً، يتمتع الموقع بمناظر غاية في الجمال تطل على غابة الصنوبر ويحظى بكمية وافرة من أشعة الشمس، وللاستفادة بأكبر قدرٍ ممكن من هذه الإيجابيات كان المسقط ذو شكل حرف Y الشكل النموذجي والنتيجة الأفضل لتوزيع مناطق الفيلا بحيث تتمتع بنور الشمس والمناظر المقابلة.

وبالحديث عن أجنحة الفيلا بالتفصيل، نشير إلى أنها تتكون من ثلاث أجنحة؛ الأول مقابل لجهة الشمال ومخصص للعمل والدراسة والتأليف الموسيقي, والثاني مطل على جهات الشرق والجنوب والغرب ومخصص للطبخ وتناول الطعام, أما الثالث فمطل على جهتي الشمال والجنوب ومخصص للمعيشة والرسم. أما عن المنطقة المركزية التي تتقابل فيها جميع هذه الأجنحة فهي قلب المنزل, حيث تتجسد في مساحةٍ كبيرة تحتضن وظائف متعددة؛ كقاعة المدخل وغرفة تناول الطعام والبار وغرفة الموسيقى.

من الجدير ذكره هنا أنه قد تم تنظيم كل جناح فراغياً بحيث يتفرع عن المركز, حيث تتمركز كامل الكتلة في المنطقة المركزية، التي تحتضن قطعة فرشٍ تتضمن كافة الخدمات والعناصر الإنشائية التي تخلق في وقتٍ واحد غرفاً مختلفة داخل المساحة المزججة بكاملها. حيث تؤمن هذه القطع الكبيرة من الأثاث توزيعاً متدفقاً وحراً للوظائف دون إغلاق الغرف، الأمر الذي يعزز من تجربة التنزه على ما يقارب الـ 150متراً من الغرف المتنوعة والمغمورة في المناظر الطبيعية الخلابة.

وبما أنها على هذا القدر من الأهمية لا يمكننا أن نغفل إطلاعكم على تفاصيل قطع الفرش هذه؛ فهي عبارة عن ثلاث قطع من المفروشات تتوضع في الطابق الأرضي وتختلف في تصاميمها وموادها ورائحتها بشكلٍ كبير، حيث استخدم المعماريون الخشب في القسم الشمالي, في حين اعتمدوا الألواح الصخرية في القسم الشرقي, أما في القسم الجنوبي فتم استخدام الإسمنت المسلح.

ففي الجناح الشرقي “تبتلع” قطعة المفروشات المصنوعة من خشب الجوز الأمريكي الدرج والخزائن وأسرة الضيوف بالإضافة إلى غرفة نوم صغيرة. في حين تخلق انحناءاتها الخارجية الواضحة منطقة المدخل إلى جانب مكتبين واحد صغير والآخر كبير، بالإضافة إلى غرفة البيانو المعزولة صوتياً.

وهنا يأتي المطبخ ليكون قطعة المفروشات الثانية, حيث تم صنعه بالكامل من الألواح الصخرية النرويجية التي تحتضن كافة تجهيزات المطبخ ومناطق التخزين فيه، بالإضافة إلى دورة مياه وبار, ليبدو المكان بصلابة الصخر من الناحية الشكلية، في الوقت الذي يكون فيه لطيفاً لدى الاستخدام.

أما القسم الثالث من المفروشات فهو عبارة عن جدارين إسمنتيين مسلحين تم إقحام موقد نار ومناطق تخزين وجهاز إسقاط فيهما, حيث ينفتح هذا العنصر خالقاً فناءً تحده غرفة المعيشة والحديقة والمرسم.

وعلى عكس طابع الانفتاح الشديد الذي يتمتع به الطابق الأرضي، يقوم الطابق الموجود تحت الأرض بتغطية معظم الغرف الحميمية للمنزل متسماً بميزاتٍ فراغية معاكسة, يعززها طابع الكتلة الوحشي الواقي, فهنا فقط تقوم التأثيرات الفراغية الغنية والوافرة بإكمال دور ضوء النهار القليل نسبياً.

ومثلما أشرنا سابقاً، تم حفر الغرف في هذه المنطقة داخل الكتلة, الأمر الذي نتج عنه أسقفاً مقنطرة وجدراناً سميكة تناقض تماماً خفة الكتلة العمودية الواقعة فوق الأرض, فهنا تسترجع العمارة الثقيلة الصفات البدائية للعمارة الرومانية.

أخيراً وكنتيجةً لاختيار مسقط حرف Y، تقدم الفيلا سمات فراغية متنوعة؛ ابتداءً من تلك الضيقة والمعتمة مروراً بالممرات المقنطرة وانتهاءً بغرف الحدائق المفتوحة والواسعة والشفافة.

باختصار إنه منظر طبيعي بصورٍ فراغية متنوعة تتخطى حدود التخطيط الوظيفي.

إقرأ ايضًا