عملية تجديد تعيد للأدب البريطاني مجده على أرضه

9

في الوقت الذي يخضع فيه مسرح شكسبير الملكي إلى برنامجٍ مكثفٍ لإعادة التطوير، يتحول الأدب البريطاني إلى قبلةٍ تتجه نحوها أنظار العالم أجمع. حيث سيشارف مشروع إصلاحٍ مسرح ستراتفورد في إنكلترا -بكلفة 100 مليون جنيه استرليني- على النهاية في شهر تشرين الثاني هذا.

فبعد معاناته المريرة بصمتٍ لسنوات عديدة مع المرافق البالية والقديمة والتي لا يمكن الوصول إليها، حصل مسرح شكسبير الملكي أخيراً على مساعدة Bennetts Associates تلك الشركة المعمارية البريطانية التي أخذت على عاتقها وبشغفٍ كبير ترميم المسرح المصنَّف في الدرجة الثانية.

حيث بدأت شركة Bennetts العمل على المشروع ضمن ثلاث مراحل:

• إنشاء مسرح فناء مؤقت على موقع مسرح الاستديو The Other Place، في عمليةٍ استغرقت 11 شهراً فقط لإكمالها، ليعمل كمسرحٍ رئيسي أثناء عملية التجديد كلها.

• بناء مساحات جديدة لتضم دار حضانة شركة شكسبير الملكية RSC أو (Royal Shakespeare Company)، وغرف التمرين والمركز الإداري في ممر Chapel Lane .

• إجراء مزجٍ معقدٍ بين الماضي والحاضر، يمثل طموح المسرح في “خلق أفضل مسرح للجمهور والفنانين للمتعة وعروض شكسبير”. حيث تم بناء مدرج مسرح مندفع إلى الأمام مزوَّد بـ 100 مقعد، مع مقاعده الموزعة على ثلاثة جوانب، بينما تم تقليل مسافة المقاعد الأبعد عن المنصة من 27 متراً إلى 15 متراً لتحسين العلاقة بين الفنانين وأفراد الجمهور.

من المأمول أن تؤدي أعمال التجديد المكثف إلى تحسين العلاقة بين أولئك الممثلين على المسرح وأولئك الموجودين بين الجمهور، نظراً لأن المدرج الأصلي العائد إلى عام 1932 (من تصميم Elisabeth Scott) أعطى إحساساً أقرب إلى السينما منه إلى المسرح، فاصلاً بين هذين العاملين الهامين (الممثلين والجمهور)، ليأتي التصميم الجديد فيدفع بالجمهور إلى قلب الحدث.

كما تم إيلاء اهتمامٍ كبير بمسألة ضمان حفاظ المسرح على العديد من سمات آرت ديكو العائد إلى العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين والسمات الفيكتورية التي يحبها الجميع.

وكإجراءٍ علاجيٍّ خصوصيّ، تتشرف اليوم الأرضية الأصلية المصنوعة من خشب السَّاج العائدة إلى مبنى عام 1932 باستضافتها لمساحات الردهة الجديدة في مدرج المسرح، بحيث يتمكن جميع الزوار من أن “يؤدوا أدواراً تمثيلية” على المنصة التي قدمت مشاهير التمثيل.

من هنا نلاحظ أن الشاعر ليس الشخصية الأدبية البريطانية الوحيدة التي تلهم أعمال الفن والعمارة الحديثين في الوقت الراهن. إذ يستضيف متحف Brontë Parsonage حالياً تركيباً من تصميم Su Blackwell بعنوان “بقايا” أو “آثار” يتضمن منحوتات ثلاثية الأبعاد مقصوصة على شكل كتب، ومأخوذة من صفحات الرواية الكلاسيكية الساحرة “مرتفعات وثرينغ” من تأليف الكاتبة إيميلي برونتي، هذه الرواية التي تعالج مواضيع الطفولة والخيال ورواية القصص. حيث ستنتشر هذه “البقايا” عبر جميع أرجاء الغرف التاريخية من Haworth Parsonage -منزل عائلة برونتي- حتى يوم الأحد الموافق لـ 28 تشرين الثاني.

من جهةٍ أخرى، وباستيحائه بطريقةٍ مباشرةٍ أكثر من الأدب، يوجد تركيبٌ ضوئيٌّ عام بسيط من تصميم المصممين الإسبانيين Luzinterruptus. ففي هذا العرض المثير للتفكير، تم نشر مجموعة كبيرة مؤلفة من 800 نص مُنار بطريقة عشوائية تحت جسر بروكلين في نيويورك، بهدف إلهام الناس للتوقف والقراءة أثناء رحلتهم اليومية إلى أماكن عملهم.

وهنا يشرح المعماريون Luzinterruptus هدفهم من المشروع بقولهم: نريد أن يسيطر الأدب على الشوارع ويصبح فاتحاً للمساحات العامة، ليقدم لأولئك الذين يمرون من تحت الجسر في مساحة خاليةٍ من الزحمة المرورية والتي ستستسلم أثناء بعض ساعات الليل إلى القوة المتواضعة للكلمة المكتوبة.

بينما يهدد التقدم التقني بالتغلب على الكتاب المتواضع، يعمل الفنانون على استعادة المباهج المتواضعة التي تأتي من النص الأدبي. لهذا نأمل أن تتمكن هذه المشاريع من إعادة بعض أمجاد الأدب الإنكليزي الذي يستحق كل تقدير.

إقرأ ايضًا