عزلٌ وخصوصية في آنٍ واحد!

4

مما لاشك فيه بأن سلوفينيا تشهد في الآونة الأخيرة نهضةً معماريةً ملحوظة، فقد بتنا نسمع عن العديد من المشاريع التجارية والصناعية وحتى السكنية على أيدي معماريي سلوفينيا ممن أخذوا على عاتقهم نهضة البلاد معمارياً وعمرانياً، وآخر هذه المشاريع هو مشروع Sotočje السكني في منطقةٍ صناعية تعود للقرن التاسع عشر.

وبالتحديد فإن هذه المنطقة تعتبر صلة الوصل ما بين نهري Sava و Kokra في مدينة Kranj، ولكن لا يخفى على أحد بأن هذه المنطقة قد عانت فتراتٍ من التدهور والتراجع بفعل طبيعتها الصناعية قبل أن تستفيد من وقوعها بجوار Ljubljana التي تعد مركزاً تاريخياً بحد ذاتها، ومن مكانتها الطبيعية المميزة، وتتطور ولكن ببطء لتصبح منطقةً سكنية نموذجية في المدينة.

يتألف المشروع من 142 وحدة سكنية تتربع على منصةٍ مرتفعة بجوار التقاء النهر وتماماً إلى الأسفل من المدينة السابقة من العصور الوسطى الواقعة على التلة، ولابد لنا هنا من أن نعرج على تاريخ الموقع الذي كان فيما مضى مصنعاً للمطاط، مما أكسب المنطقة تلوثاً شديداً وجعل من تنظيف الأرض بشكلٍ جذري قبل أن تبدأ عملية البناء حتى ضرورةً أساسية، ولذلك فإن المنصة المرتفعة هنا ليست فقط مرآباً للسيارات، ولكنها كانت حلاً بيئياً سليماً.

من جهةٍ أخرى ينقسم المشروع إلى ثلاثة مبانٍ تتربع على هذه المنصة، ونلاحظ بأن المناطق المتوسطة في هذه المباني مفتوحة باتجاه النهر على الجانب الغربي، وعلى الرغم من العشوائية الظاهرة في رصف هذه المباني، إلا أنها كانت محاولة من معماريي Bevk Perović لجعل الإطلالة مفتوحة على جميع الشقق باتجاه النهر وكذلك لمحاتٍ عن المدينة التاريخية على الجانب الآخر.

فقد تم بناء المجمع كجزءٍ من برنامج الدولة للإسكان لتوفير شققٍ للأسر الشابة، وهي أولى خطوات الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، حيث تم التركيز في هذه الشراكة على تصميم شققٍ ذات حجم متواضع وتخطيطٍ بسيط، ولكن فريق Bevk Perović وفي محاولةٍ لإضفاء بعض الملامح الجمالية على المشروع قاموا بتطويق هذه الشقق بشرفاتٍ على كامل محيطها.

وبالوصول إلى الجزء الخارجي من المبنى، فقد تم إكساؤه بألواحٍ مثقبة من الألمنيوم ما خلق شعوراً بوجود واجهة عميقة حيث تجري الأحداث الخارجية لهذه الشقق بين طبقتي المبنى الحرارية والبصرية، حيث تم تثقيب الألواح على نحوٍ بسيطٍ للغاية يشبه إلى حدٍ ما أشكال البناء الخشبي في المباني التاريخية القديمة. الأمر الذي سمح بتوزيع الهواء في الداخل بالإضافة إلى توغل الشمس عميقاً في المبنى.

كما ولا بد لنا من الإشارة هنا إلى وجود طبقة أخرى تقع وراء الألواح المصنوعة من الألمنيوم ساهمت في خلق حاجبٍ من الخصوصية التامة عند التواجد في الشرفات وطابعٍ مسرحي لكامل المبنى.

ويسترعينا هنا بالنظر إلى أسقف المباني المسطحة وقد تم تمت تغطيتها بالحصى البيضاء التي توجد عادةً في الأنهار وكأن السقف هنا قاعٌ لنهرٍ جاف لا أكثر عند رؤيته من الأعلى…

وأخيراً يمكننا أن نعزو نجاح التصميم إلى عوامل الشفافية والعزل والاحتواء، والتي استطاعت مجتمعةً أن توفر تماساً مباشراً مع الجوار والمناطق المحيطة بالموقع، وفي نفس الوقت فإن هذه العوامل نفسها استطاعت أن تمنح أقصى قدرٍ من الخصوصية في حال لزم الأمر.

إقرأ ايضًا