كما يُحتضن الصوص في البيضة ستحضن هذه الروضة أطفال ألمانيا

13

قام فريق عمل شركة GPAC الألمانية للتصميم والعمارة بابتكار دار حضانة للأطفال في مقاطعة Bühlau في Dresden الألمانية، وتبدو هذه الحضانة على شكل 13 بيضة! وتدعى اكتشاف أي “Discovery”، كما ويشمل هذا الاكتشاف مساحةً مشتركة تحت مظلة الزجاج المركزية، والتي يمكن من خلالها تجميع الطاقة الشمسية.

وبالانتقال إلى مفهوم التصميم، فقد تمت مراعاة تغير المناخ والحفاظ على الأنواع بالإضافة إلى الموارد والابتكارات في مجال التكنولوجيا والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، حيث تبدو كل تلك المواضيع وكأنها تتخلل حياتنا اليومية وتأخذ الكثير من اهتمامنا على نحوٍ متزايد، إنها تثير سؤالاً يقول، كيف يمكننا أن نتصرف بمسؤولية اليوم لتأمين مستقبلٍ واعد؟

فالكل على دراية بأن هنالك تحولٌ تدريجي في المجتمع، ونحن على استعداد متزايد لتغيير عاداتنا، وإعادة النظر في وجهات نظرنا وتحديد أولوياتنا، كما ونلاحظ بأن المسؤولية البيئية والاجتماعية والثقافية بالنسبة لنا ولمستقبل أبنائنا والتي تنتشر في كافة أنحاء العالم، تجري بدعم من تزايد عدد السكان.

سؤالٌ آخر يطرح نفسه، كيف استطاع كل هذا أن يلعب دوراً في تصميم مركز أطفال “مستدام اجتماعياً”؟

ولكن بالنظر إلى مركز الأطفال في Bühlau فإنه يوفر فرصةً للعمل على هذه المسؤوليات وتصميم مبنى لمرحلة ما قبل المدرسة، والذي يتجسد ويظهر جلياً في شكله وبنائه واتباع النهج المستدام المسؤول لاستخدام الموارد والطاقة، فقد كان الهدف هنا إنشاء مركز رعاية للأطفال يمكن أن نراه مساحةً للإبداع والخيال غير المقيد، ومكاناً يستطيع الفرد من خلاله تطوير إدراكه الحسي وبحرية، آخذةً كل ذلك بعين الاعتبار، سعت الشركة جاهدةً لتحقيق الأهداف التالية:

• توفير الطاقة والحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. • إعادة تدوير المياه المستعملة ومياه الأمطار. • استخدام الصيانة المنخفضة وصيانة المواد والبناء مجاناً. • حساب تكاليف دورة حياة مكونات البناء الفردية. • تحليل إجمالي الاستثمارات لعام 2050 وما بعد. • دمج الأسواق الاقتصادية المحلية والإقليمية وقطاعات البحث. • تنفيذ المنتجات البيئية من خلال سلسلة إنتاجٍ شفافة. • خلق بيئة إيجابية ومتوازنة. • زيادة الإدراك الحسي والشعور باللمس. • تحفيز الإلهام. • تقديم الفرص للأطفال لتصور مساحتهم الخاصة. • جعل التباين ملموسا ً، أي الضوء والظل. • تصميم تجربة ملموسة عن كيفية تتابع المساحة بما في ذلك الحركة. • الكشف عن عمارة جيدة ومسؤولية تجاه البيئة. • ابتكار العديد من المساحات المتعددة الاستخدامات.

قضيةٌ أخرى تسترعي الانتباه وهي قضية الاندماج في نسيج المدينة، فالمبنى مع تفرده عن بقية المباني وكشفه عن هويةٍ واضحة ونطاقٍ محدد، فإنه يندمج والبيئة المحيطة به، وعلى غرار “البيض” الكبير، تقع الأشكال الفردية في المساحات الخضراء كجزءٍ منفصل عن المناظر الطبيعية الخارجية وتقوم في الوقت نفسه يتمييز التصميم بوضوح.

ويمتد محور المبنى الرئيسي من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، حيث يمكن للمبنى أن يحصل على حاجته من الضوء الطبيعي من خلال المناطق الواقعة في الشمال الشرقي والجنوبية الغربية، في حين يمتد المدخل من الجانب الشمالي من المبنى حتى شارع Bautzner Strasse، كما ويوجد طريقين يؤديان إلى مركز رعاية الأطفال؛ الأول من خلال الحي المشجر بأشجار البتولا بالإضافة إلى مواقف السيارات على جانبيه، بينما يوجد العديد من الانعطافات من خلال الجانب الشمالي الغربي من المركز.

أما سيارات الخدمة والإسعاف فلها حرية التجوال على الرغم من الحواجز الطرقية المنتشرة في الخارج، بينما تم رصد خمسين مكاناً لوقوف السيارات مخصصة للموظفين وزوار المركز وزوار حمام السباحة في المركز.

وبالعودة إلى مفهوم التصميم، يمكننا القول بأن كل طفلٍ هو جانبٌ أساسي من التصميم والذي يتلخص بالكلمات التالية “اكتشف، جرّب وافهم”، حيث يمكن في ظل هذا المفهوم أن تندمج المفاهيم التربوية على اختلافها وبشكلٍ كامل، آخذين هذا بعين الاعتبار، اختار فريق التصميم “البيضة” لتكون الشكل الرئيسي المستخدم في مركز رعاية الطفل!

فالميلان غريب الأطوار وتحول الأشكال يظهر بوضوح من خلال الطبيعة اللعوبة للتصميم، عن طريق زرع البيض بحرية، الأمر الذي أدى إلى خلق العديد من العلاقات المكانية والمشاهد الشيقة إلى الداخل والخارج من المبنى، بالإضافة إلى تقديم تجربة مكانية مميزة حيث يمكن للطفل أن يتعلّم كيف يكتشف الأشياء من حوله.

حيث تم ربط “البيض” في “منطقة الاكتشاف” بهدف خلق مساحة موحدة، في حين يسهم تصميمها بتحفيز الأطفال ويساعد على تطوير إدراكهم الحسي عن طريق السمع والرؤية والشعور والشم، كما وقد تم تخصيص هذه المنطقة متعددة الوظائف لتشغل العديد من النشاطات المختلفة مثل الفنون والحرف والتمارين والمسرح والإنتاج أو لمجرد الاحتفال.

بينما يسترعي انتباهنا غرفة Blind Man’s Bluff في المنطقة الصحية، حيث يمكن تظليم هذه الغرفة تماماً واستخدامها كمرصدٍ أو قبة ٍسماوية، فقد تم طباعة السقف الزجاجي بواسطة رسومٍ بيانية أو نباتية، في حين يخدم التفاعل بين مساحات السقف المفتوحة والمغلقة بخلق أنماطٍ مثيرة من ضوء الشمس، ويضيئ الكائنات الأسطورية على الجدران والمساحات الأرضية.

كما ويعمل مفعوم التصميم على دمج كافة الغرف الضرورية لرعاية الطفل في الطابق الأرضي، وتقع كلٌ من المداخل الشرقية والغربية على الجانب الشمالي من المبنى، وعلى مقربةٍ من المدخل، يوجد هنالك مرحاضٌ مركزي ومنطقة وقوفٍ للعربات بالإضافة إلى مكتب المدير ومنطقة المطبخ وأخيراً المخزن ومناطق التخلص من النفايات.

بينما بالصعود إلى الطابق العلوي، فإنه يشغل منطقة المؤتمرات وقاعة الانتظار إلى جانب الجهاز الصحي وغرف خلع الملابس للموظفين، أما الغرف التقنية وغرف الصيانة فتقع في الطابق السفلي.

وتقع الغرف الفردية لمجموعات الرضع بالقرب من منطقة الدخول، أما المنطقة الصحية ومنطقة الاستحمام الخاصة بهذه الغرف فإنها تقع في الطابق العلوي بالقرب من غرفة Blind Man’s Bluff، وعلى الجانب الآخر من هذه الغرف، يوجد غرفةٌ متعددة الاستخدامات، تليها مجموعة من ستة غرف للرعاية النهارية وغرف التسلية وقضاء وقت الفراغ.

وقد تم تجهيز كل مجموعة من الغرف بمرحاضٍ ومنصة للجلوس واللعب والتي تخدم في الوقت نفسه كمساحةٍ للتخزين، بينما وإلى الجدران الخارجية لهذه الغرف وفي “منطقة الاكتشاف”، تم صب المقاعد كجزءٍ من الحائط، حيث تم تخصيص المساحة الخارجية للعب والدحرجة في الملعب والذي يؤمن مساحةً إضافية لتخزين الألعاب الخارجية.

أما بالوصول إلى تقنية البناء والمواد المستخدمة، فقد تم تصميم المبنى على نحوٍ مستدام، وساهمت تفاصيل البناء إلى جانب المواد والمنتجات البيئية بتوفير الأساس الصحيح للتصميم، حيث تم استخدام أفضل الموارد المادية المتاحة، في حين يعتبر الأداء العالي وأهداف البناء المزدوجة من المؤشرات الرئيسية للاستدامة في المبنى.

فقد أرادت GPAC أن يكون التصميم عبارة عن حائط ٍمزدوج من الاسمنت المدعم من نوع TRC على شكل محارة، حيث يمكن أن من خلال استخدام هذا النوع بالذات تخفيف كتلة المبنى وبالتالي تخفيض استخدام المواد الخام اللازمة للبناء بالمقارنة مع الهياكل التقليدية.

ويكشف التصميم عن هذه المزايا والإمكانيات الهائلة التي يتمتع بها المبنى المزدوج المنحني، على غرار البيضة التي تحظى بنسبةٍ مثالية من الثبات في سمك المادة، وبالإضافة إلى قوتها من ناحية الشكل والوظيفة، فإن للبيضة جاذبيةٌ لا تقاوم، وكنتيجةٍ للنموذج الموحد للكتل، فهي متشابهةٌ جداً، وتسمح في الوقت نفسه بإنتاج سلسلةٍ من المباني الحيوية من وجهة نظرٍ اقتصادية.

أما الأمر الملفت للنظر هنا، فقد تم إلغاء كل الأسطح التقليدية وتجهيزات الرياح وعزل المياه والصرف الصحي، حيث يمكن لجمع المياه السطحية بنسبة ٍتبلغ 90% في بالوعاتٍ قريبة من الأرض ومعاجتها بيولوجياً لاستخدام المياه المعالجة مرةً أخرى.

وأخيراً تهدف “منطقة الاكتشاف” الواقعة بين “البيض” إلى تجميع الطاقة الشمسية، في حين تم ابتكار السقف من ألواحٍ زجاجية ثلاثية الأبعاد، ومن ثمّ تم تدعيمه بكابلات التوتر بين طبقات الزجاج، كما وقد تعمّد مصممي GPAC جعل هذا السطح ينحدر قليلاً ليساعد في تصريف المياه، أما السقوف الزجاجية فقد تمت تغطيتها بنسبة 35% لتبدو في النهاية على شكل وحدات ٍضوئية شبه شفافة.

إقرأ ايضًا