خصيصاً لليما

6

إن تصميم مشروعٍ ما في مدينة ليما، عاصمة البيرو، فيه استثارةٌ لعقل المصمم أكثر منه تحدٍّ؛ فهناك تتنافس حركة الأشكال والارتفاعات والألوان والانعكاسات وكافة أنواع العناصر تتنافس لنيل دور الريادة، وهذا بحدّ ذاته إطار عمل مثير للاهتمام للمعماريين، أو على الأقل لمعماريي شركة XTe a+d في عملهم على مبنى الشقق السكنية الاستثائي هذا.

إذ فكّر المصممون بمبناهم على أنه ازدواجية تحافظ على التوازن بين التصميم في الحد الأدنى في المساحات الداخلية، والتصميم التعبيري في الواجهة الرئيسة.

فمن الخارج يستجيب البرج ببراعة للحوار الذي تطرحه المدينة، حيث تتضمن واجهاته سلسلةً من الكتل التي تعكس إحساساً بالفوضى المنظمة، وتماماً في الواجهة الرئيسة تصبح هذه الصورة أساسيةً للغاية، حيث تعطي للمبنى هويته الخاصة وتقدم لكل شقة على وجه الخصوص شخصيتها المميزة دون التفريط طبعاً بالصورة الكاملة.

فمن وجهة نظر المصممين، هذا المبنى مصممٌ لمدينة ليما دون أدنى شك.

أما عن المساحات الداخلية للشقق، فتتميز بأحجامها المدروسة بدقة وهويتها المنزلية؛ حيث نجدها مفتوحة على الواجهة الرئيسة بطريقة منظمة للغاية، لتؤطر المناظر بألواحها وفواصلها الزجاجية وجدرانها الفاصلة، في الوقت الذي تحافظ فيه على الحميمية المطلوبة في كل مساحة.

فقد تم توزيع الألواح المنزلقة في الشقق بطريقة استراتيجية، تجعل تكامل وانسيابية الطرق والمساحات أمراً ممكناً، مما يخلق وحدةً شاملةً للمكان ويوسع أو يغلق المناظر حسب نقاط الوقوف المتنوعة؛ وهذا ما يعزز الإطلالات -المبهرة أصلاً- بفضل الفوارق البصرية التي تخلقها كافة زوايا المبنى.

واستجابةً لتنوع وتعقيد وكثرة الأشكال والثقافات في المدينة، لا تكشف الشقق من نظرةٍ واحدة عن كافة خصائصها وسماتها -سواءً الداخلية أم الخارجية. إذ فضل المصممون عملية “الاقتراح” عوضاً عن “الكشف”، عن طريق تعزيز مفاهيم خاصة كـ “الطرق الداخلية” و”التتابعات الفراغية الجذابة” و”تعدد المحاور البصرية المسَيطر عليها”، مما يدعو الناظر لكشف الانطباعات المستنبطة من كل زاوية من زوايا المبنى.

وطبعاً استطاع فريق المصممين المحافظة على هذا المزيج البديع من العناصر عن طريق اتباعهم لأسلوب الحد الأدنى، واستخدامهم للغة موحدة و”مهدّئة”، ساعدت على إغلاق الدائرة وتأسيس التوازن المطلوب.

وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتبرون امتلاك شقة في ليما هو أمر “cool” حقاً، حاول المصممون استعادة النمط التقليدي من المعيشة عبر مشروعهم هذا، حيث يعكس النتظيم الداخلي المتنوع للمبنى هذه الفكرة بكل وضوح، ففي كل شقة منطقتين خفيفتين مجاورتين للواجهتين الرئيسة والخلفية، وفي هذه المنطقتين تتوضع الغرف الرئيسة.

وهذا ما يسمح للقاطنين بالاستمتاع بأفضل الإطلالات على المدينة والمحيط الهادئ على حدٍّ سواء، في الوقت الذي تتوزع فيه مناطق الخدمة في المنطقة نصف الخفيفة.

وطبعاً لا يمكننا الحديث عن الواجهة دون التطرق إلى تلك التراسات والشرفات والستائر الخضراء الخارجية وأسلوب التهوية الطبيعية عبر المنافذ المتقابلة، التي مثّلت جميعها استراتيجيات هامة للتحكم بالإشعاع الشمسي وضمان التهوية الطبيعية الضرورية.

هذا طبعاً عدا عن الفناء الداخلي المميز، الذي تطوقه كافة أجزاء البرنامج العام، والذي يضمن وصول التهوية والضوء الطبيعيين اللازمين، لتأتي أخيراً المنطقة الاجتماعية على السقف -والمزودة ببركة سباحة لامتناهية (إنفينيتي) وحجرة تشميس ومشوى باربكيو وغيرها من الخدمات الترفيهية- وتكمّل الأجواء مع وحدة المتجر الموجودة في الطابق الأرضي ومساحات ركن السيارات الكافية في القبو، التي ستحول جميعها حياة قاطني هذا المبنى إلى فردوسٍ حقيقي على الأرض…

إقرأ ايضًا