تصميم كلية العمارة الأمثل في هولندا

6

قدم المعماري اليوناني Aristide Antonas عرضه الجديد لتصميم كلية العمارة لجامعة مدينة Delft بهولندا وذلك تحت اسم Transparent Cells أي الخلايا الشفافة. وقد تم تجسيد فكرة التداخل والتواصل الاجتماعي وإقحامها في المشروع بشبكةٍ مرئيةٍ من الناس يتواصلون عبر الإنترنت.

ويوفر المشروع بيئةً مناسبةً لهذه الشبكة الاجتماعية المرئية في حياة الطلاب بتصميمه على شكل وحداتٍ زجاجيةٍ منفصلة وتزويدها بشاشات عرض. وقد كان الإرتقاء الرئيسي الذي يميز هذه الكلية عن غيرها هو وجود الشاشات على الشبكة وإظهارها لكل أسماء المستخدمين، وبهذا تغير الأسلوب القديم الذي كان شائعاً.

ولنا هنا أن نفكر بكيف يجب لكلية العمارة أن تكون. ففي العقود الأخيرة تغيرت بعض الأمور جذرياً في ظروف تصميم مكتب عملٍ داخل كلية. وقد راعى المصمم هنا أهم التغييرات وركز على اثنين منهما:

• فقد كان تصميم المكاتب أو ورشات العمل يعتمد على نظام العمل والتصميم على العمل على “طاولة”، أما الآن فيتم تنفيذ جميع الرسومات والمخططات على الشاشات. وما أعمال الطلاب إلى عملياتٌ يقومون بها أمام الشاشات، أما الأعمال نفسها فلا تختلف كثيراً عن تلك المنجزة في الماضي.

ولكن لطالما نشأت بعض المشكلات بسب الاختلافات بين اللغة التصميمية التي يتم استخدامها أثناء مراحل الدراسة وتلك المستخدمة في الحياة العملية الواقعية للمشاريع. كما أن الأعمال المطبوعة لا تُقدم دائماً أفضل طرق التواصل التي تعتمد على أرضيات مشتركة.

• كما أن توزيع الصور والرسومات عبر الشبكة أسرع وأكفأ من عرضهم التقليدي كرسوماتٍ ورقية. ويعطي هذا الخيار إمكانيات أكثر للمشاركة والتصنيف مثلاً من خلال الشبكة. بالإضافة لسهولة تبادل الطلاب للمستندات ومشاركتها عبر الشبكة بدلاً من استخدام الورق العادي.

ودعونا نلقي نظرةً على استوديوهات العمل في جامعة هارفرد، وهي الجامعة التي ضمّت أحد أهم وأعرق ورشات العمل المعمارية في الماضي. سنلاحظ فوراً بأنها فقدت قيمتها العملية اليوم تبعاً للتطور الهائل في طرق وأساليب التصميم الحديثة.

فقد اختلفت ظروف الجلوس والعمل على الرسومات المعمارية، فلابد للاستوديو اليوم من احتوائه شتى وسائل الاتصال التي توفرها شبكة الاتصال، كما أن بيئةً متواصلةً كهذه ستكون تجسيداً مصغراً رمزياً للمجتمع الواقعي، وهو مجتمعٌ سيكون حاضراً مرئياً ولكنه غائب حرفياً.

ولابد لكليات العمارة أن تأخذ بعين اعتبارها تغيّر الظروف لتعيد تصميم وتنظيم معداتها ومساحاتها تبعاً لها، إذ يتميز العمل المعماري اليوم بأنه يُنفذ على برامج كمبيوترية معيّنة، ثم تتم مشاركة الأعمال على الشبكة، وأحياناً يتم إرسالها إلى ورشات التنفيذ مباشرةً دون تدخل العمل اليدوي بها على الإطلاق.

ويتم تصميم المباني التي تدعم التواصل من خلال الكمبيوترات والشبكات على شكل خلايا وحجرات كمبيوتر زجاجية صغيرة مكدسة فوق وبجانب بعضها باستخدام أحدث التقنيات الزجاجية، بالإضافة إلى نتوء بعض أجزائها ليتم زرع أشجارٍ محددة فيها، وأحياناً يتم تعليق هذا لأشجار على عوارض البناء. وتوفر أبراج المعيشة هذه مشهداً شفافاً للمعيشة وارتقاءاً في مستوى كليات العمارة.

وهكذا قد ينسى المرء أحياناً بأنها كليّةً دراسيةً ويراها كمجتمعٍ عمليٍّ حقيقيّ يقوم بالمشاريع المعمارية حيث يجلس كل شخص في حجرته مع كمبيوتره الخاص ويعمل ويخطط ويرسم ثم يتواصل مع زملائه من خلال الشبكة ويشاركهم العمل.

حيث يشعر الطالب في حجرته الخاصة أنه داخل ورشة عملٍ حقيقيةٍ، ولكنه يدخل إلى موقع العمل بمواد بناء من الانترنت، إذ لم تعد الكلية هنا مكاناً ليجمع الطلاب، وإنما ليوفر لهم المواد والطرق التي ينفذون بها مشاريعهم ويصلهم معاً بشبكةٍ تدعم التواصل الاجتماعي بينهم وتسهل المشاركة وتبادل المعلومات.

وقد تم اختيار مساحة الاستديو لتكون أكثر دلالة على التصميم، إذ تتعامل مع مفهوم بنية المجتمع اليوم، والذي تم تجسيده من خلال المجموعات على الإنترنت. فهنا يمكن لكل مستخدم أن ينعزل عن البقية في حجرته وشاشاته وعمله الخاص، ولكن يتواصل معهم في النهاية على شبكة واحدة.

وبهذا يمكننا تشبيه عملية الولوج إلى الشبكة بالولوج إلى المجتمع الجامعي.

وأخيراً نذكر أن الكلية تضم بالطبع مكتبةً ومستودعاً ومقهىً ومطعماً يلتقي به الطلاب، وتقع المكتبة والمختبرات تحت الاستوديوهات، ولكن يخضع العمل داخل المختبرات لأوامر الشبكة، حيث يتم التحكم به عن بعد، أما المستودع فيتم التحكم بمدخلاته وبياناته من خلال الكمبيوترات أيضاً في محاولةٍ لاستخدام كل التقنيات الحديثة أثناء العمل. وفي النهاية يجدر بالذكر مساهمة Katerina Koutsogianni و Yannikos Vassiloulis في المشروع.

إقرأ ايضًا