قصة طويلة وراء تصميم التمساح في نيوأورلينز

5

في حديثنا عن مشروع التمساح “Alligator” نعلم أننا أمام مشروعٍ غير عادي، ليس بشكله الغريب المشابه لتمساح بفكين كبيرين، بل وبفكرة بنائه ومصدر تمويله أيضاً. إذ أن منزل Alligator هو منزل منخفض التكاليف من تصميم شركة buildingstudio في نيوأورلينز في لوس أنجلوس بأميركا.

ويُعتبر هذا المنزل جزء من خطة إعادة إسكان المناطق المتضررة بعد إعصار كاترينا في حيٍّ داخليٍّ فقير يحتاج فيه الناس لمكانٍ للعيش. وقد عملت buildingstudio مع عميلٍ غني من Boulder في كولورادو، والذي أبدى اهتماماً كبيراً بقلة العناية التي تعاني منها نيوأورلينز بعد العاصفة.

وهكذا عرضت الشركة عليه فكرةً إن كان يرحب بالمشاركة ببناء منزلٍ منخفض التكاليف للاجئين ناجين من إعصار كاترينا، ولم يرحب العميل بالعرض بمنح ماله فحسب، بل دعا أصدقاءه وزملاءه بالمشاركة بالتكلفة لبناء المنزل.

وكان مجموع المبلغ الذي تم جمعه 50,000.00 مما مكّن الشركة من بناء مركز خدماتٍ للجوار، وساعدهم على إغناء الحيي الفقير ببعض المرافق.

كما قدمت شركة buildingstudio تصميمها الكامل وعدة مساعداتٍ إضافية كذلك الأمر، ويقع المشروع في وسط المدينة في حيٍّ يقع بين الجزء التجاري من المدينة والمناطق السكنية المزدهرة.

ورغم تدهور أحوال البنى التحتية في المدينة بسبب العاصفة، وكونها تعاني من انتشار أعلى نسبة جريمةٍ متعلقة بتعاطي المخدرات في الدولة، إلا أنها ما تزال تذخر بمرونةٍ اجتماعيةٍ ثابتة.

فليس من المُستغرب أبداً أن تجد الكثير من الواجهات مشوهةً بسبب اضطرار سكانها لسد الفجوات التي تتصدع عنها الجدران. وبالرغم من بناء بعض الجماعات الخيرية المؤمنة الكثير من المنازل للسكان الجدد الآملين بالعودة، تعاني أغلب التصاميم من قلة الاعتناء بالشكل، حيث تبدو وكأنها مجرد ألواحٍ متراصةٍ، وهذا ما جعل أغلبها مخيب للآمال. إذ يقلل من مدة حياة المباني ويُنقص من حيوية الحي على المدى الطويل.

وبهدف العمل على مواجهة هذا الواقع المرير شاركت كلية Tulane University School للعمارة بدورها وأنهت أربعة مشاريع بناءٍ وتصميمٍ تجريبية في المنطقة كأدوات تًسهل الأبحاث في إيجاد استراتيجيات لإنشاء المباني منخفضة التكاليف.

أما منزل التمساح، فلمصمميه نظرتهم الخاصة بكيفية جعله منخفض التكاليف وعالي الجودة والكفاءة. فكان تصميمهم ضيّقٌ على غير العادة، إذ بالكاد يصل عرضه لـ 19 قدماً أو 13 قدماً كحد أقصى. فكانت النتيجة عبارة عن خطة تصميم لمساحةٍ قدرها 9600 قدم تتضمن غرفتي نوم وحمام ونصف. أما تسمية المشروع بالتمساح فليس بسبب فمه المفتوح فحسب، بل لأن تصميمه يعود لنمطٍ شائعٍ تقليديٍّ في منطقة نيوأورلينز وهو نمط بندقية الصيد لشهرة المنطقة بالصيد.

ويتبع مخططه فكرة اصطفاف كل الغرف على نفس الصف، من المقدمة وحتى المؤخرة لتوائم حصص الأرض الضيقة في المدينة. ولكن تبقى في تصاميم كهذه مشكلة عوز الغرفة في المنتصف للخصوصية إذ لابد من المرور بها للوصول بين طرفي المنزل، ولحل هذه المشكلة تم وضع عدة أبوابٍ متسلسلةٍ تسمح بالخصوصية وتساعد على المرور إلى نهاية المنزل والحمام.

وفي الأحياء الأكثر قدماً كمركز المدينة، تعتبر الساحة الأمامية للمنازل مهمةً جداً، إذ تنعقد الكثير من المناسبات الاجتماعية في الشوارع. فهي ساحة التجمع العامة حيث يلتقي الجيران ويرفهون عن أنفسهم. ولهدفٍ كهذا وضع المصممون دعساتٍ كبيرةٍ معدنيةٍ عند مدخل المنزل وحتى الشارع يمكن الجلوس عليها عندما يزور الجيران بعضهم.

ونجد أن طرفي عوارض الواجهة المطلة على الشارع مكسوةً بالبلاستيك الشفاف العازل للكهرباء. كما نجد بين الألواح عدة أضواء نيون لامعة يمكن لها أن تضيئ المساحات الداخلية من المنزل كما الساحة الخارجية. ويوجد خارج غرفة النوم الرئيسية رواقٌ بنفس عرض المنزل.

ومن الجدير بالذكر أنه وعلى الرغم من الميزانية المتواضعة، كان بالإمكان إكساء الأرضيات بالخشب الهندسي الصلب وإكساء الحمامات بالسيراميك. ولجعل المنزل مقاوماً للأعاصير، تم الاهتمام بأن تكون كل النوافذ عازلة بالإضافة لكسوةٍ عازلة حرارياً ذات كفاءةٍ عالية يُمكن لها أن تخفف من فواتير استخدام الطاقة. أما الجدران الخارجية والسقف فقد تم طلائها بأطليةٍ صناعيةٍ وحواف معدنية ستسهل أعمال الصيانة وتزيد من قدرة الهيكل على التحمل لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.

إقرأ ايضًا