مكتبة آرثر رامبو؛ مشروعٌ رابح على كافة الأصعدة

7

تنتشر مؤخراً ظاهرة المكتبات والمراكز الثقافية في العديد من دول العالم، ولكن يا ترى كيف يمكن لمكتبةٍ أو مركزٍ من هذه المراكز أن يتميز عن غيره في زحمة هذا الانتشار الواسع، هل سأل أحدكم نفسه لماذا تحقق مكتبةٌ من هذه المكتبات ربحاً شهرياً يضاهي أرباح مكتبةٍ أخرى في سنةٍ كاملة؟

لجميع المهتمين بهذا الموضوع تابعوا معنا الخبر التالي:

فقد قام فريق Dacbert Cochet Chapellier برفد مقاطعة أنتوني في فرنسا بمكتبة ميديا ومركزٍ ثقافي حملت اسم آرثر رامبو تيمناً بالشاعر الفرنسي الشهير، فكما كان لهذا الشاعر أيادٍ بيضاء على الفن السريالي، من المتوقع أن تصبح هذه المكتبة وجهةً مفضلة لأهالي أنتوني في ساحة Place des Baconnets وأن تصبح رمزاً لإحياء حديقة Noyer Doré من جديد.

فعلى الرغم من بساطة التصميم إلا أن هذه المكتبة استطاعت أن تبرز وبكل جدارة على حساب العمارة القاسية والواقعية للمباني السكنية المحيطة، فضلاً عن العمارة الصارخة واللعوبة لمركز التسوق المجاور، ونجح أسلوبها العصري بأن ينقل بوضوح جوهر المكتبة كمرفقٍ عمومي معاصر ومساحة داعمة للحركة الثقافية والاستجمام، فهي مفتوحة على العامة متى شاؤوا.

من جهة أخرى يمكننا أن نراها مغلقة وحكراً على النخبة، فلكي تكون عضواً في مكتبة آرثر رامبو عليك أن تكون زبوناً مداوماً، ولكنك في المقابل سوف تحظى بفرصة حضور مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والتنقل ما بين رفوف الكتب الغنية، وحتى اقتراض الأقراص الليزرية، كما يمكنك حضور المعارض أو ببساطة قراءة الكتب.

ولكن تصميم المكتبة لم يكن بهذه السهولة التي نتحدث عنها، فقد واجه فريق العمل مشكلةً تتعلق بجلب أكبر قدر من العامة، على الرغم من الموقع المحدود نسبياً، ما بين محطة RER للسكك الحديدة وما بين مركز التسوق، وجاء الحل بخلق بروزٍ طفيف عند الطابق الأول، مما ساهم بضخ قليلٍ من الديناميكية على التصميم، ناهيك عن تنفيذ الواجهات باستخدام الألواح الزجاجية الملونة مختلفة الأحجام، وهو ما جعل العامة يشعرون بالفضول حيال هذا الصرح الجديد.

حيث برزت الواجهة على الطابق الأول مكسوة بالزجاج من ثلاثة جهات، الأمر الذي أمن إطلالة ولا أروع على وادي ماسي، على نقيض الطابق الأرضي المتجه نحو الأرض، كما القبو، باستثناء بعض الألواح الزجاجية التي تم إقحامها لمعرفة ما يجري في الداخل، لتبقى الواجهة الشمالية الواجهة الأكبر في المكتبة.

حيث تشترك هذه الواجهة مع الواجهتين الغربية والشرقية بالكسوة المزدوجة في الطابق الأول، مما سمح بالتحكم بدخول أشعة الشمس وبالتالي عزل الجدران الزجاجية الداخلية وعزل المكتبة عن الضجيج الخارجي الصادر عن تقاطع حركة المرور فضلاً عن القطارات المارة، بينما تبرز الواجهة الجنوبية كامدة تماماً.

ويسترعينا هنا سقف المكتبة، فقد تم تصميمه وكأنه واجهة خامسة للمبنى، حيث تقع المكتبة في جنح إحدى المباني السكنية المرتفعة حتى 14 طابقاً، لذا ارتأى فريق العمل تحويل سقف المكتبة إلى مساحةٍ مشوقة عند النظر إليه من على بعد، ولم يكن هنالك من حلٍ أفضل من تحويله إلى ما يشبه التراس وإكسائه تماماً بالخضرة، بدلاً من أن يبدو مجرد تابعٍ للمبنى المجاور، ناهيك عن فوائد أخرى تتعلق بالبيئة والحفاظ على الطاقة وانخفاض الصيانة.

وأخيراً يمكننا القول بأن تنظيم المكتبة يتبع هندسة بسيطة للغاية ساهمت في تميزه عن بقية المكتبات في فرنسا، التي يضيع فيها الزائر قبل أن يصل إلى مراده، فقد تم فصل المساحات العامة عن الخاصة، حيث نلاحظ في الطابق الأرضي وجود مكتبٍ للاستقبال على اليسار، يقابله مكتبة متعددة الوظائف وأخرى للأخبار على اليمين، بينما وفي نهاية القاعة تم تخصيص غرفة للاجتماعات متعددة الاستخدامات تطوق بدورها المساحة العامة.

ونأتي على المساحات الخاصة، فقد تم تنظيم منطقة الإدارة إلى الخلف من هذه المساحة العامة، وتتألف من مساحتين منفصلتين بواسطة جدارٍ إسمنتيٍ كبير، أما الدرج الذي يقود إلى الطابق الأول فيقوم، مزهواً بجداره الملون الممتد على طابقين، بالربط ما بين طابقي المكتبة تتخلله أشعة الشمس من الأعلى وتزيد على إشراقه إشراقاً.

وأخيراً يمكننا القول بأن هذه العلاقة ما بين الطابقين قد ساهمت بزيادة الوضوح المكاني الذي يميز مكتبة آرثر رامبو عن غيرها، حيث يظهر الطابق الأول كمساحةٍ مفتوحة كبيرة بأقل عددٍ من الجدران والحواجز، وهو ما ساهم بجعل مناطق القراءة أكثر مرونة بدعمٍ من اللافتات الكبيرة المثبتة على السقف لإرشاد الزوار.

إقرأ ايضًا