مركز بحوث بيئي… بلا جدران!

11

من المعروف أن مراكز البحوث غالباً ما تكون مغلقة وشديدة السرية، فهل من الممكن إيجاد مركز بيئي يتميز بالشفافية والانفتاح؟

يبدو أن الإجابة قد أتت على يد معماريي شركة Hassell عبر تصميمهم لمركز العلوم البيئية Ecosciences Precinct في مدينة بريزبين الأسترالية، والذي جمع بفضل شكله المبتكر ما يقارب ألف عالم قدموا من وكالات واختصاصاتٍ علمية مختلفة ليتفاعلوا سويةً في هذه البيئة الجماعية الخاصة بالأبحاث العلمية.

فهنا فقط سيتم توزيع ورشات العمل المتنوعة والتابعة لوكالات مختلفة اعتماداً على الأفكار البحثية التي يجريها العلماء سواءً في مجال العلوم البحرية/النهرية أو في مجال الإنتاج النباتي والحشري/علوم الأمن الحيوي أو حتى في مجال العلوم الأرضية.

إلا أن الفريد حقاً في تصميم هذا المركز هو اجتماع هذه الوكالات العلمية في موقعٍ واحد “ودون أية جدران” على الإطلاق!

نعم، لا تستغرب عزيزي القارئ، فقد تم جمع هذه العقول المبدعة في بيئةٍ واحدة من شأنها أن تزيل كل الحواجز والعوائق الفراغية والتشغيلية بهدف تفعيل عمليات التعاون وتبادل المعرفة والمشاركة.

وفي التفاصيل؛ تم توزيع المرافق المختصة ونشاطات الدعم في المركز، وذلك بهدف تقليل الكلفة المادية وتفعيل الاستخدام، حيث تتضمن هذه المرافق المشتركة بيوتاً زجاجية وغرف للتحكم البيئي، إلى جانب مخازن ومناطق لمعالجة النماذج وتحضير الوسائط بالإضافة إلى غرف المجاهر الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أما عن المناطق الأساسية في المركز فقد تم تقسيمها إلى ثلاث؛ منطقة المكتب, والمختبر وأخيراً منطقة الدعم، والتي تستوعب جميعها مجموعات مختلفة الأحجام ووظائف متنوعة في توزيعٍ عامٍ مرن وقابل للتعديل، تم تصميمه ليتلاءم والتغيرات المستقبلية الممكنة. كما تشكّل مساحات البحث المفتوحة والشفافة والمحفّزة في نفس الوقت بيئةً مثالية للمبدعين المحترفين، الذين لم يطلبوا مرافق بيئة عملٍ متطورة وحديثة فقط، وإنما مرافق عمرانية مميزة تؤمن موقعاً آمناً وحيوياً للنشاطات المتنوعة.

وبما أن هذا المشروع يقع في منطقةٍ تتمتع بمناخٍ شبه استوائي في أستراليا, اعترض فريق العمل بعض التحديات، ومن أهمها مسألة ترشيح ضوء الشمس القوي. ولكن إبداع وخيال معماريي Hassell كان بالمرصاد؛ إذ تمثل الحل في تغطية المبنى بكسوةٍ من الحواجز الشمسية المصنوعة من الألمنيوم المثقب، والتي كان من شأنها حماية المساحات المخبرية وساحات المبنى، مع إعطاء السطح الخارجي قيمةً جمالية واضحة بفضل كسوته المثقّبة الفريدة.

ختاماً لابد لنا من الوقوف عند نقطةٍ هامة، ألا وهي الجلسات الحوارية والاستشارية عالية المستوى التي قام بها فريق التصميم، والتي كان لها الفضل في تعزيز دور تفاعل العلماء القادمين من وكالات علمية متنوعة، فقد مكّنت هذه العملية العديد من العلماء من التلاقي مع بعضهم البعض لأول مرة، على الرغم من اشتراكهم في العمل مسبقاً على مشاريع متشابهة وفي نفس البلد.

فبعد أن كان العديد منهم غير متطلع على أبحاث الكثيرين بات بإمكانهم الآن وبفضل مركز Ecosciences Precinct بناء علاقات علمية جديدة في أعقاب عمليات التخطيط والتصميم الجماعية حتى قبل شروع المركز بأداء وظيفته الرسمية.

إقرأ ايضًا