ثانوية ملونة تزور أمستردام لمدة عشرة سنوات فقط

3

عندما كنا طلاباً صغار كنا ننتهز فرصة خروج المعلمة من الصف لنبدأ بالتلوين على الجدران بأزهى وأحلى الألوان… غير آبهين بالعقاب، وهاهي اليوم صورة المدرسة “الملونة” التي حلمنا بها يوماً تتحول لتصبح واقعاً على أيدي معماريي HVDN من هولندا.

حيث قام فريق العمل الاستثنائي بالانتهاء من تصميم مبنىً مؤقت ليضم طلاب مدرسة Het 4e الثانوية في أمستردام على مساحة 4200 م2 ريثما يتم بناء المدرسة الدائمة التي ستحتضن الطلاب بعد مدةٍ تتراوح بين خمسة إلى عشرة سنوات، أما وفي سبيل إعطاء المبنى المؤقت خاصيات البناء العادية، تم تصميمه باستخدام نظامٍ معماريٍ قياسي يسمح باستخدام مبنى المدرسة بعد ذلك في عدة أماكن أخرى في أمستردام، ومن ثم تشطيبه بألوانٍ غاية في السحر وكسوة خشبية غاية في المرونة.

ولكن هذا لم يخلُ من التحديات وخاصةُ تلك المتعلقة بقوانين البناء، إذ لطالما كانت منطقة Houthavens منطقةً مفتوحةً تفتقر إلى الحياة إلا من بعض المباني الصناعية التي تنتشر هنا وهناك، أما اليوم وبسبب بعض مشاكل تقسيم المناطق تحولت هذه المنطقة إلى بقعةٍ حية تضم العديد من المطاعم والاستوديوهات الفنية وأبنية السكن الطلابية.

وفي المقابل يعتبر إقحام مساحة داخلية مغلقة في قلب هذه المنطقة المفتوحة أمراً شائكاً للغاية، ولذلك تعين على فريق HVDN رفد التصميم بساحة داخلية تتمحور حولها كافة أجزاء المدرسة، ففي الوقت الذي تقع فيه المرافق الرياضية والنادي الرياضي إلى الخلف من المبنى التعليمي، يقع ملعب المدرسة إلى جانب الساحة وهو عبارة عن ملعبٍ رياضي بجوار الشاطىء، وبذلك فقد تمت الاستفادة المثلى من منطقة Houthavens القديمة، دون إغفال الملامح العصرية، فقد تم تأمين غرفٍ إضافية إلى جانب المبنى لتشغل مركزاً للإعلام وقاعةً كبيرة وأخرى سمعية.

ولكن تبقى الساحة الجزء الأبرز في المدرسة بالاشتراك مع مساحة التوزيع بالقرب منها، حيث تعج هاتين المنطقتين بالحياة والطلاب أثناء النهار، كما وتضم العديد من المقاعد ليجلس عليها الطلاب لأخذ استراحة والالتقاء بأقرانهم، في الوقت الذي تسهل فيه الممرات حركة الطلاب من وإلى الصفوف والتي تم رفدها بطابعٍ مختلفٍ عن بقية أجزاء المبنى إذ نراها شفافة للغاية ومزودة بنوافذ بارزة فضلاً عن أماكن للدراسة ومناطق ليجلس فيها الطلاب والأساتذة.

كنا قد وعدناكم في مقدمة المادة بمدرسة ملونة، وهانحن نعود لنلقي الضوء على واجهة المدرسة التي تتحظى بتأثيرين مختلفين؛ الأول عبر الألواح المسطحة المصنوعة من الألمنيوم والموجودة في واجهة المبنى الخارجية لتتألق بمختلف الألوان حتى تصل إلى واجهة الساحة وكأنها تمهد لانفجار الألوان الذي سيحدث لاحقاً في الساحة، والثاني عبر الواجهة الخشبية التي تحظى بامتدادٍ وعمقٍ مكاني أكبر، حيث تضفي على المبنى مرونته وتميزه بالاشتراك مع الألواح الملونة عن الواجهات التقليدية وتحول دون رتابة الوحدات المتراكمة التي نراها عادةً في أبنية المدارس.

فقد قام فريق HVDN باختيارٍ صائب فيما يتعلق بالواجهة العميقة الخارجية، وذلك من خلال جعل الواجهة ترتد قرابة 20 سم إلى الأسفل من الإطار، مما ساهم بظهور ما يشبه الأروقة المتراكمة، كما وتم إخفاء الوصلات ما بين الوحدات حيث تم بناء الأجزاء الأمامية الخشبية من ألواحٍ خشبية ضيقة تم رصفها عمودياً تفصل فيما بينها مسافاتٌ صغيرة.

وعلى الرغم من ظهور العديد من الوصلات الاصطناعية للعيان إلا أن الوصلات الفعلية تم حجبها تماماً، ففي الواجهة الخارجية وواجهة الساحة على سبيل المثال تم إخفاء الوصلات وراء الألواح الملونة من الألمنيوم على اختلاف أحجامها، حيث أضفت هذه الحلول والتقنيات على المدرسة طابعها الديناميكي الفريد الذي يمثّل عامل القوة في التصميم.

لقد أثبتت مدرسة Het 4e الثانوية بأن الأبنية المؤقتة قد مرت بتطورٍ كبير في العامين الماضيين، ولم تعد مجرد أنماطٍ مكررة تفتقر إلى الصفات الفنية والجمالية، إنها قادرة على مجاراة البناء التقليدي وحتى التفوق عليه والحفاظ على مرونتها في نفس الوقت، فمبنانا لليوم متحرك ويمكن استخدامه عندما تدعو الحاجة في السنوات المقبلة، ولأن المباني المؤقتة تتغير وفق رغبة الزبون فإنها أقرب ما تكون إلى الخلود.

إقرأ ايضًا