أكبر منتزهٍ مائيٍّ في آسيا الآن في بكين

1

بعد أن اكتسبت سمعةً سيئةً بإنفاقها المسرف أثناء دورة الألعاب الأولمبية لعام 2008، أنفقت مدينة بكين مبلغاً هائلاً يُقدَّر بِـ31 بليون يورو في تزيين شوارعها بتحفٍ مهيبةٍ من فن العمارة. وبينما كان من المأمول أن يستمر السياح في التهافت إلى بكين بغية اختبار تجربة المشهد المدني الجديد مباشرةً جالبين معهم رأس المال الذي يحتاجونه بشدة لكي يتمكنوا من الاستمتاع بجميع الخدمات الترفيهية في المجمَّع، لم تجرِ الرياح بما اشتهت سفن بكين أبداً.

وفي محاولةٍ للتغلب على مواطن الخلل هذه، تم استحضار شركة Forrec للتخطيط والتصميم التي تتخذ مقرها في تورنتو حيث تمارس تخصصها في ابتكار البيئات الترفيهية والمسلية حول العالم.

إذ طُلِب من هذه الشركة أن تقوم بتجديد المركز المائي الوطني للألعاب المائية، المعروف باسم “المكعب المائي” أو “Water Cube”. حيث يأتي هذا الخبر ليكون بمثابة إعادة تأكيد لأولئك القلقين في المملكة المتحدة بشأن الإنفاق المعماري السخي للبلاد على دورة الألعاب الأولمبية القادمة في لندن لعام 2012، ليثبت لهم أن هناك حياةً صاخبةً تنتظر البلاد بعد انقضاء دورة الألعاب.

يوم الأحد الموافق للثامن من آب -موعد الاحتفالية السنوية الثانية لبداية الألعاب الأولمبية في بكين- أُعيد افتتاح “المكعب المائي” للعامَّة بصفته أكبر منتزهٍ مائيٍّ داخليٍّ في آسيا قاطبةً، بعد أن استمرت أعمال إعادة بنائه لمدة عشرة أشهرٍ كاملةٍ.

ونظراً لتميزه بحلباتٍ زالقةٍ تمتد على سبعة طوابق ومسبح أمواجٍ وبارٍ مائيٍّ وممراتٍ تحمل أسماء الدائرة المائية ومنزل الجولات وحوض الرصاصة وزحلوقة السرعة ودوَّامات المياه و”أعاصير أعماق البحر”، جاء هذا المُجمَّع الممتد على مساحة 77,000 قدم مربع ليُثبت أنه عملٌ ناجحٌ تمكن من سلب ألباب الجماهير المحتشدة في انتظار الافتتاح الكبير.

على أية حال، وكالعادة للأسف، هناك دائماً فخٌّ مخبَّئٌ أو صعوبةٌ ما تتربص بأي مشروعٍ يحاول الوصول إلى القمة، وفي حالة هذا المجمع المائي تمثلت الصعوبات بالمسألة المالية. ففي مدينةٍ مثل بكين حيث لا يتعدى أدنى أجر العامل فيها مبلغ 960 يوان شهرياً (107 يورو)، مع وجوب دفع أجر 200 يوان للبالغين و160 يوان للأطفال لِقاء الدخول إلى المنتزه، يبدو أن التأكيد الأكبر للمشروع يركز على جذب السياح الأجانب وليس السكان المحليين.

ولِقاء هذا الأجر بالذات، يمكن للزوار أن يدخلوا منتزه المُجمَّع الذي يتضمن أيضاً عدداً من ممرات التسوُّق المقنطرةٍ والمقاهي ومسارح الاستعراض، بينما يبقى الأجر الأكثر معقوليةً بقدر 50/30 يوان مطلوباً للدخول إلى المنتزه المائي وحده.

وبما أنها قابلةٌ للتمييز بطريقةٍ مباشرةٍ، تحتفظ الصيغة الملفوفة بالفقاعات بمكانتها إلى جانب ملعب Bird’s Nest الهامّ والمصمَّم من قبل CADG و Herzog & de Meuron و Stefan Marbach والفنان Ai Weiwei خصيصاً لصالح الألعاب الأولمبية لعام 2008.

وهنا يشرح السيد Anthony Van Dam -نائب رئيس شركة Forrec- وجهة نظره حول المشروع بقوله: يعد مشروع “المكعب المائي” مساحةً نشيطةً مفعمةً بالحركة والحيوية، حيث كان ملخص التصميم الذي قدمه الزبون يطلب تطوير فكرةٍ عالمية المستوى، بالحفاظ على نفس مستوى مكانة المبنى، وبالانطلاق من النوعية الأثيرية (غير المادية) للبيئة الداخلية. فقد تم إيلاء اهتمامٍ خاصٍ لكل تفصيلٍ مهما كان صغيراً، ابتداءً من الإنارة المسرحية وآجر الفسيفساء الزجاجي، وصولاً إلى الدعامات الموصَّى عليها خصيصاً لهذا الغرض وبعض عوامل الجذب التي لم يسبق أن رأى العالم مثيلاً لها.

على الرغم من جميع هذه الحقائق المحبطة والسارة منها، يبقى هذا المركز المائي جديراً بأكبر احترامٍ للجهود المبذولة فيه ومحاولته المخلصة في تحويل المدينة التي تستضيفه إلى مقصدٍ جذاب ينشده القاصي والداني من جميع أرجاء العالم.

إقرأ ايضًا