تصميم المطارات… تحت دائرة الضوء

4

قد تُعبر أحياناً الحقائب وبوابات الصعود والمطارات عن بعض الجوانب الإيجابية للمسافرين والوجهة التي يقصدونها، دوناً عن كونها جميعاً مُصممةٌ لتخدم ضمن إطار هدفٍ معين.

ولكن المحطات تُعتبر بمثابة “تاج محل” في رحلة التصميم السياحية. فهي أفضل طريقةٍ للعبور إلى مستقبلٍ أكثر إشراقاً. وكما الكاتدرائية، فإن الساحات الضخمة في المحطات تستحضر شعوراً بأنك ترتقي قبل أن يتم السفر بك إلى وجهتك. إنها مهد الحركة المستمرة، ومع ذلك فإن الزائر قد يتوقف ليتناول طبقاً من المحار أو عصيراً من الكوكتيل ليريح أعصابه، أو يكتفي بمجرد الجلوس على مقعدٍ مريحٍ ليحدق بالسقف السماوي الذي رُسم الكون عليه. ولا يضطر المسافر إلى ملاحظة العبقرية الحقيقية في تصميم المبنى، إذ أنها تفرض نفسها بوضوحٍ كشبكةٍ معقدةٍ ضخمةٍ من تقاطعات الطرق والجسور المتنقلة التي تمتد من بوابة الانتظار وحتى منطقة الإقلاع.

في الخمسينات مع فجر استخدام الطائرات النفاثة، افترض أنه لابد للمطارات من أن تكون ذات تصاميمٍ فخمةٍ لتؤكد بذلك مكانتها كبوابات التنقل بين أصقاع العالم. حيث كان بناء المطار –ومازال- عملاً يستدعي التفاؤل والحداثة، وكان هذا ما عكسته التصاميم في منتصف القرن المنصرم. فقد أصبحت رمزية الطيران والحركة ككناياتٍ عن تقدم الإنسان مهمةً بقدر الاهتمام الرمزي بنقل أكبر عددٍ ممكنٍ من الناس بالطائرة.

على سبيل المثال، كانت محطة TWA الفخمة في مطار JFK بنيويورك من تصميم المعماري Eero Saarinen قد جسدت نظرية منتصف القرن الماضي. حيث يمتد سقفها برشاقةٍ وكأنه جناحٌ عملاقٌ لطائر. أما في الداخل فقد تم تصميم كل الانحناءات وخطوط السير وأعمدة النور بدقةٍ لا توحي بالحركة الانسيابية فحسب بل وتنعش حركة الناس سيراً على الأقدام للداخل والخارج.

إن التزايد السريع في حركة التنقل العالمية عام 1990 قد ألهمت المصممين بجيلٍ جديدٍ من المطارات، أغلبها في آسيا، لترحب بالزوار وتبهرهم. وبفضل التقدم في مجال الهندسة أصبح من الممكن خلق أنماطٍ مستقبليةٍ جريئةٍ تحتل مبانٍ مسرفةٍ بأشكالها.

فمن أشهر الأمثلة مطار إنشيون الدولي Incheon International بسيئول بكوريا، حيث تتميز محطة المطار الرئيسية بجمالها الخلاب وكأنها قنديل بحرٍ معدنيٍّ من الخارج. كما يفاجئنا شكل المحطة الثالثة في مطار بكين، والتي تعرض بنفس الثقة المحطة وكأنها تطوف بين المجرات، عند النظر إليها من السماء في الليل على الأقل. وقريباً ستنتهي محطة مطار Carrasco International في مونتيفيديو بالأوروغواي لتبدو كنموذجٍ مطور بنعومةٍ وانسيابيةٍ لفكرة صحن المطار.

مما لاشك فيه أن كل هذه المطارات تأمل لأن تكون رسائل من المستقبل، تعكس رغبات ونوايا من بناها مشكلةً طابع الملايين من المسافرين الذين يعبرون من خلالها.

ومن المقاربات الأكثر ترحيباً نجد تصميم ريتشارد روجرز Richard Rogers الضخم للمساحات الداخلية في المحطة الرابعة لمطار مدريد Barajas Airport. فالمحطة ذات بنيةٍ وشكلٍ مألوفٍ إلا أنها مفعمةٌ بالدفء والتميز. وليس هناك ما يلفت النظر في كفاءة طريقة استخدام الخشب أو قدر الحيوية التي تعمُ المكان، إلا أنها ضمن بيئة المطار وأجوائه تبدو جديدةً ومتميزة. فهنا نجد أن في التصميم عبارة عن نيةٍ لتسهيل الانتقال من الجو إلى الأرض.

لا يمكننا البت والقطع بكلمةٍ نهائيةٍ في مجال تصميم المطارات، وذلك أن المطارات في حالةٍ من التدفق المستمر. ويتم الآن بناء المحطات الجديدة باستجابةٍ للتعقيدات الجديدة كالزيادة في الازدحام وتكثيف اجراءات الأمان. أما المحطات القديمة، وبغض النظر عن مدى جمالها، فهي بحاجةٍ دائمةٍ للتعديل. وهنا يعلق Ripley Rasmus بقوله: عندما تصمم محطة، عليك أن تفكر قُدماً. ولكن عند نقطةٍ معينة، نجد أن كل المطارات هي مناطق بناء.

أما Ripley Rasmus فهو مسؤول التصميم من شركة HOK المعمارية والذي انخرط مؤخراً بتصميم مطار إنديانا بوليس Indianapolis airport الجديد، الذي يُعتبر أول مطارٍ سيبنى في الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001.

إقرأ ايضًا