الغابات والبحار بين أيدينا من جديد

5

بعد أن كان الإنسان يعيش على أرض جزيرة مايوركا، تحول ليعتدي على ثرواتها الطبيعية دونما رحمة، هذا بالضبط ما ركز عليه فريق EQUIP Xavier Claramunt أثناء تجديد فندق مارسيل في مقاطعة Calvià، حيث قام الفريق الإسباني باستعادة الأشجار والجدران الحجرية الجافة التي كانت يوماً جزءاً من التاريخ البيئي لجزيرة مايوركا.

فقد تتفق معي بأننا نحن البشر السبب في ضياع ثرواتنا الطبيعية، حتى بتنا نسترق شجرةً من هنا وبركة سباحة من هناك بعد أن كانت البحار والغابات كلها ملكاً لنا.

فقد بُني فندق مارسيل في عام 1948 بوصفه واحداً من أول الفنادق المصممة خصيصاً للسياح، بفضل موقعه المميز، مما سمح بتوسعة مرافقه على شكل تراساتٍ مصطبة باتجاه البحر، وذلك باستخدام سلسلة من القناطر لتوسعة الطابق السفلي والتركيز على شاطئ البحر الصخري، فعندما تدخل الفندق سوف تجد نفسك مرتبطاً مع سينوغرافيا الأبواب والجدران، فقد تم رصف تلك الأخيرة بشكلٍ متوازن على نحوٍ يدفعك للمشي تجاه البحر ويدفع أشعة الشمس بالتغلغل في كافة أرجاء المبنى.

لقد كان الهدف الأول من التصميم هو إعادة أجواء ليست ببعيدة عن الكهوف والملاجئ الصخرية التي تنتشر في جميع أنحاء ساحل البحر المتوسط، وبذلك اشتركت التراسات والأبواب والجدران فضلاً عن بركة السباحة الجديدة على استعادة البحر، أما لاستعادة الغابة فقد قام فريق EQUIP Xavier Claramunt باختيار قطعتي أرض قبالة المبنى القديم لبناء التوسعة، ورافق ذلك مشكلة تتعلق بكيفية ربط قطعتي الأرض مع الشارع العام، زد على ذلك كيفية التعامل مع المناطق المحيطة.

إذ كانت النية أولاً وأخيراً تسليط الضوء على المبنى القديم وجعله مدخلاً رئيساً وإنشاء ممر يؤدي إلى المرافق الجديدة في الوقت نفسه، يكون قادر على توليد سياق بديل عن التنمية العمرانية القائمة، مما دعا إلى تنظيم التوسعة الجديدة على شكل وادٍ في محاولة لإستعادة تقنية الزراعة المصطبة، وهي تقنية زراعة تقليدية كان يستخدمها يوماً ما أهالي مايوركا، وبذلك نجح الفريق الإسباني في ربط المناطق الجديدة مع المبنى القديم.

وفي سبيل ذلك تم تشييد مجموعة من الجدران الحجرية الجافة، فهي الأقدر على التعامل مع تربة الجزيرة، وبالتالي تدعيم المرافق الجديدة، كما تتفق أيضاً مع المنحدرات والتراسات، وبذلك بدا الوادي وكأنه ينحت التربة، تؤطره جدران حجرية جافة ليست بغريبة على الجزيرة، فلطالما اشتهر أهالي مايوركا بهذا النوع من الجدران، التي استطاعت هنا أن تضفي شيئاً من التميز على تصميم التوسعة.

وأخيراً، تمكن فريق EQUIP Xavier Claramunt من استعادة الغابات التي تنمو على طول النهر الصغير الذي يقودنا بعيداً عن البحر، وبينما نسير على مسار متعرج يلتف هنا وهناك، سوف نقف للحظة ونراقب كيف نُحتت التربة وشكلت مدخلاً للمباني الجديدة، ومن ثم سوف ندخل قريباً من الأرض… ولكن على الفور سوف نتسلق تلك المباني التي تتجه نحو البحر… ليبدو من الواضح تماماً أن الأمر لم يقف حد استعادة الغابات بل تجاوزها لاستعادة البحر أيضاً.

إقرأ ايضًا