جامع إنكليزي بامتياز

8

مع تزايد أعداد المسلمين في كامبردج، فكّر مجلس المدينة بتأمين جامع جديد بعد أن عجز جامع المدينة السابق عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين، وهو ما يبرر وقوع جامع كامبردج الجديد على بعد بضع مئات الأمتار من مكان الجامع القديم، فبذلك ستقوم المرافق الجديدة بالتخفيف من عبء المرافق القديمة (بسعة ألف شخص).

لقد تجنب فريق ماركس بارفيلد بشكلٍ كامل الدلالات والإشارات التقليدية المكررة إلى حد الابتذال، الأمر الذي انعكس إيجاباً على تصميم الجامع، الذي بات جامعاً لمختلف التأثيرات المعمارية الإنكليزية والإسلامية على حد سواء، وقد دافع عن هذه الفكرة مجموعة من الخبراء في قطاع العمارة الإسلامية، مثل البروفسور كيث كريتشلو؛ أستاذ الفن الإسلامي سابقاً في معهد أمير ويلز للعمارة.

من جهة أخرى يقع الجامع الجديد وسط موقع عمراني إنكليزي بامتياز، يمتاز بوجود صفوف متلاصقة على الحدود ، لذا كان ينبغي على المشروع أن يحاكي المنطقة المجاورة، وخير مثال على هذه “المحاكاة” يمكن أن نجده في الأساسات الداخلية، وتحديداً في الأعمدة الخشبية الستة عشر التي ترتفع إلى الأعلى لتدعيم السقف الهندسي.

عدا عن كون هذه الأعمدة تحاكي القناطر الإنكليزية في المنطقة المجاورة، نلاحظ في طريقة تدعيمها للسقف شيئاً من الزخرفة الإسلامية. فقد ركز تيم وينتر؛ رئيس الأكاديمية الإسلامية، من خلال دعوة المهتمين في المجال لإبداء أية ملاحظات أو شكاوى، والتشاور مع المجتمع المحلي لضمان أن يكون هذا المبنى شامل ومستدام وآمن، والأهم من هذا وذاك أن يحترم السياق المحيط، لذا نلاحظ كيف تم تخصيص مرآب للسيارات تحت الأرض للحيلولة دون حدوث أي خطرٍ جراء حركة السيارات المتزايدة في الطرق.

أما عند دخول المصلين إلى جامع كامبردج من جهة الشارع، فسيجتازون ردهة مظللة في الحديقة الهادئة المحاذية للجامع، قبل الوصول إلى قاعة الصلاة الرئيسة، التي تتجه بطبيعة الحال نحو الكعبة الشريفة، حيث تمت زراعة بعض الأشجار على جانبي المدخل الذي ينتهي بنافورة أمام قاعة الصلاة.

وفي حال أراد المصلون زيارة الجامع في الليل، فسوف ترحب بهم القبة الذهبية التي تتوج السطح أجمل ترحيب، فقد تمت إضاءتها بمصابيح متوهجة بأضواء خفيفة.

لم تقتصر التأثيرات الانكليزية على الأعمدة، بل ظهرت في وجود مطبخ ومقهى وغرف للتعليم ووحدات سكنية في مخطط الجامع، وبذلك يمكننا القول بأن جامع كامبردج هذا جامع إنكليزي بامتياز، كما هو الموقع العمراني الذي يتوسطه، وقد حصل هذا “الجامع الإنكليزي” مؤخراً على تصنيف أول جامع بيئي في بريطانيا، بفضل نظام الطاقة الفعال وأنظمة استرداد الحرارة وغيرها من تقنيات إعادة تدوير المياه والأسقف الخضراء.

إقرأ ايضًا