منارة أم منزلٌ منيرٌ وسط سيئول؟!

2

قام المعماري HyoMan Kim من شركة IROJE KHM Architects المعمارية بتصميم مشروع Light House كبناءٍ للسكن والمكاتب في Sinsa-dong بسيئول بكوريا. وكانت فكرة المعماريّ أنه وليُبدع عملاً كهذا الصرح على العميل أن يترك له كل التفاصيل، إذ يبدو هنا بالذات أن المعماري ينوي أن يعبر عن رؤية عميله الشخصية التي يرى بها البناء.

يقوم البناء على موقعٍ غير واضح المعالم عند النهاية الضيّقة لأحد شوارع Sinsa-dong. ويدين الموقع بانفتاحه إلى أرض المرآب المتاخم الكبيرة وإلى الحديقة التي تقع بينه وبين واجهة كنيسة Somang. ومن الجدير بالذكر أنه قد تم إسناد العمل إلى Kim بعد أن أنجز معماريٌّ آخر بناء الطابق الذي تحت الأرض، وهذا ما جعل التصميم الجديد مرتبطٌ بالعمل الذي كان قد تم إنجازه سابقاً.

من أهم الأعباء التي واجهت Kim كانت الأعمدة التي ضيّقت الخيارات أمامه من أجل تنظيمٍ جديدٍ في المخطط، إلا أنه استطاع تحقيق مخططه المرغوب نسبياً في النهاية. فالمبنى متعدد الوظائف سيضم مكاتباً ومقهىً في الطابق الأول، واستديو تصويرٍ فوتوغرافي في الطابق الذي تحت الأرض، بالإضافة إلى منزلٍ منفصلٍ تم وضعه في الطابق العلوي، في حين تم سبغ المنازل المتبقية بمفهومٍ يجعل من “البناء المفرد” مشابهاً لـ “قريةٍ” يتم فيها جمع كل منزلٍ وظيفيٍّ.

يتصل كل مبنى سواءً أفقياً أو عمودياً بسلّمٍ خارجيٍّ كممرٍ يحافظ على فصلٍ نفسيٍّ بين هذه المباني. ومن الملفت حقاً أنه قد تم تصميم عدة منازلٍ في المبنى حول حديقةٍ في منتصف البناء تُؤمّن المسافة الكافية ليحافظ كلّ منزلٍ على خصوصيته بالإضافة إلى ما تقدمه للمنزل من إضاءةٍ وتهويةٍ ومناظر جميلة دوناً العلاقات الطبيعية التي تخلقها في كل منزل.

أما الكسوة أو التركيب الخارجي فقد تم تصميمه من إطارٍ فولاذيٍّ ليخفف من وطأة وضوح التركيب الداخلي. وبقيت المظلة الرقيقة على السقف وإطارها الفولاذي معروضةً وواضحةً لتحافظ على جمال التركيب البسيط ولتوفر في تكاليف البناء مع مراعاة استخدام نفس مواد البناء في التشطيبات النهائية لتُعبر البيئة الداخلية عن أجواءٍ معدنية.

تواجه واجهة المبنى منظراً شاملاً لكنيسة Somang ولبرج الجرس فيها، كما تبدو كحاجزٍ يتحكم بالإضاءة وبالإطلالة التي يوفرها الصندوق الزجاجي الشفاف المطلّ على الشارع.

وقد تم تصميم الشكل الخارجي بأسطحٍ منحوتةٍ لتتناغم مع الرغبة بالحفاظ على الخصوصية داخل البناء، فنجد أن مظلة الكنيسة بيضاوية الشكل تواجه المدخل الأمامي مباشرةً بالإضافة إلى أحد الجدران الإسمنتية الواضحة في الكنيسة. كما أن الأسطح المحفورة التي تغطي كتلة البناء عند الطريق الأمامية أصبحت بمثابة صورةٍ للبناء. وينتشر الضوء النابع من قلب المبنى إلى الخارج برقةٍ عبر الأسطح المخرمة لتعمل كأضواءٍ معمارية؛ وهذا ما منح البناء اسم “المنارة”.

إذ كانت النية أن يوضع المبنى أمام الكنيسة كمصباحٍ كبير، وهذا ما أوحى به العملاء للمعماريّ عندما دأبا على زيارة مكتبه لاختيار موادٍ يمكن لها أن تخلق الصورة التي رسموها بأذهانهم؛ صورةٌ تنزع للحداثة والرواج والثقافة وروح الشباب، فكان أن صمم لهما المعماري الصورة بأفضل تلاؤمٍ مع مفهومهم وتصورهم والموقع.

ويختتم المعماري معلقاً على تحفته الفنية بقوله: أتوقع لمنارتنا أن تكون مصباحاً يضيء شعلة أملٍ تعبّر عن البريق والشباب في المنطقة التي تنتحل طابع الهجوم نسبياً.

إقرأ ايضًا