متحف الذكرى والتسامح في مكسيكو سيتي

4

بعد سقوط فندق ألاميدا ضحيةً للزلزال المدمر الذي ألمّ بمدينة مكسيكو سيتي عام 1985، ظهرت محاولات للاستفادة من موقع الفندق الاستراتيجي، إذ يشكل الفندق جزءاً من مجمع بلازا خواريز، ومن أبرز تلك المحاولات قيام فريق Arditti + RDT بتصميم متحف من سبعة طوابق يدعى متحف الذاكرة والتسامح، فقد ارتأى هذا الفريق بأن الأمل الوحيد للإنسانية يكمن في تعليم أجيال المستقبل.

ولذلك، فإن العامل الرئيس وراء هذه الفكرة التصورية هو الحفاظ على النصب التذكاري “العائم” للطفولة، ومن أجل ترسيخ هذا العامل في الردهة الداخلية، تم تصميم الكتلة التي تضم متحف الذكرى والتسامح على شكل ذراعين مفتوحتين تضمان صرح الطفولة، وقد كان لهذا الصرح غايتين متلازمتين هما؛ التذكير بما يقارب مليوني طفل تمت إبادتهم في عمليات الإبادة الجماعية، وتعليم أبنائنا في المستقبل تعزيز التعايش بين جميع الناس.

ففي الردهة تم توزيع وظائف المبنى المختلفة على عدة كتل مستقلة، بينما تقام المعارض الدائمة التابعة للمتحف وراء الكتلة الإسمنتية على شكل حرف L، كما نلاحظ وجود صندوق خشبي في هذه الردهة تضم المدرج؛ حيث يبرز هناك صندوق خشبي فوق ممر منزلق يقود بدوره الزوار إلى منطقة الأطفال التعليمية المغمورة جزئياً، في الوقت نفسه، تخدم قاعدة هذا الصندوق بمثابة قاعدة لاستضافة قاعة المعارض المؤقتة، والتي تجتذب الزوار من خلال علبتها الزجاجية الشفافة.

أما إدارة المتحف فتقع إلى الخلف من لوح أسود مصنوع من الغرانيت، وتنفصل بذلك عن منطقة المعرض الرئيسة العلوية من خلال فجوة زجاجية تضم في داخلها مركزاً تعليمياً، بينما ترتبط مع مكتبة عمومية تطل بدورها على المجمع من خلال ممر منزلق شفاف بالكامل، ويسترعينا في الردهة الداخلية أيضاً وجود مجموعة من الممرات الأفقية شبيهة بالشرفات الغاية منها تأمين زوايا متعددة من الرؤية على المساحة الداخلية المفتوحة.

ومن الملفت بأن رحلة المتحف تبدأ في الطابق العلوي من المتحف، الذي يقع فوق الصرح، حيث يمكن للزائر مطالعة كافة المعالم المحيطة بالمتحف، مثل القصر المكسيكي للفنون الجميلة، ووزارة الشؤون الخارجية، وساحة مجمع خواريز، والأرشيف الوطني، وتستمر الرحلة في الطوابق الثلاثة من المتحف؛ الثالث والرابع والخامس، حيث ستتعرف هناك على تاريخ من الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، تلك التي ألمت بالشعب اليهودي في أرمينيا ويوغوسلافيا السابقة ورواندا وغواتيمالا وكمبوديا ودارفور.

بعد مطالعتك لهذه الذكرى البشعة، أنت بحاجة على الأكيد لفاصل من التسامح، لذا يتم إرشاد الزوار مؤقتاً إلى خارج الردهة إلى نصب الأطفال التذكاري زيتوني اللون، والذي تم إنشاؤه بالتعاون مع الفنان الهولندي Jan Hendrix، ضمن مساحة مضاءة بشكل طبيعي، حيث ترمز سلسلة الدموع البالغ عددها 20 ألفاً إلى ضحايا تلك الحادثة، بمعدل دمعة لكل روح بريئة!

عند الخروج من النصب التذكاري، سوف ينتقل الزائر إلى أسفل الدرج فوق مساحة مفتوحة وصولاً إلى ممر كريستالي، وهنالك سوف تطالعنا لوحة جدراية بتوقيع الفنان المكسيكي غوستافو أسيفز بالتحديد عند مدخل المعرض الدائم المعد للتسامح في الطابق الثالث، ويتألف هذا القسم من 19 قاعة عرض، تم تصميمها جميعاً لتكون أداة تعليمية حول مواضيع مثل الصور النمطية المسبقة عن الكراهية والتمييز والعنف، أما المساحة، فقد تم تصميمها بالكامل، لخلق الوعي حيال أهمية الحوار والآثار المترتبة على أقوالنا وكلماتنا وأفعالنا، ناهيك عن أهمية احترام واحتضان الفوارق الاجتماعية والثقافية والدينية، ومسؤولية كل فرد في تعزيز السلام ومنع التمييز والتعصب في المستقبل.

إقرأ ايضًا