I.M. Pei يأتي شريكاً لمعمارٍ بعد أربعين عام

9

لم يكن يعلم المعماري جون رسل بوب، وهو من قام بتصميم المبنى الغربي من المعرض الوطني للفنون في واشنطن في الثلاثينيات، بأنه سصبح شريكاً للمعماري I.M. Pei بعد أكثر من أربعين سنة، فقد قام بوب بتصميم الجزء الغربي من المعرض الشهير في عام 1937، بدعمٍ ماليٍّ للمشروع آنذاك من قِبل المصرفي والصناعي الشهير وهاوي جمع التحف الفنية آندرو ميلن.

ولكن إدراة المعرض لم تخف نيتها بتوسعة المعرض في المستقبل وطلبت من بوب ترك بعض المساحات شاغرة، إلى أن جاء الوقت المناسب وشرعت تبحث عن مصممٍ كفؤٍ قادر على تلبية احتياجاتها، ليأتي الخيار على يد ابن ميلن نفسه، الذي عهد الأمانة بدوره بين أيدي المعماري صيني المولد أمريكي الجنسية، المصمم العالمي I.M. Pei.

ولكن هذه الأمانة كانت ثقيلة نوعاً ما، إذ واجه عميد العمارة المعاصرة -كما كان يطلق عليه- عدة تحديات تتعلق بشكل ووظيفة المباني، ناهيك عن إقحامها في قطعة أرضٍ صغيرة على شكل شبه منحرف بقيت شاغرة لعدة سنوات!

ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد شكل شارع بنسلفانيا الواقع على إحدى الزوايا شمال الموقع حداً غريباً، مثله مثل المركز الوطني في الجنوب والطريق الرئاسية المجاورة التي جاءت هي الأخرى لتقيد المباني على نحوٍ صارمٍ للغاية.

أما الجزء الأكثر صعوبةً في التصميم فقد كان ضرورة تكييف المبنى الشرقي الجديد مع حجم المركز الهائل، ناهيك عن موائمته مع مبنى بوب الغربي ذي الطابع الكلاسيكي الجديد، وفي محاولةٍ لتسخير شكل الموقع، قام Pei باختيار أشكال قادرة على أن تعكس شكل شبه المنحرف.

فعندما نوقشت قضية شكل الأرض بدايةً معه ركز Pei على رسم خط ٍقطري عبر شبه المنحرف ليكون الناتج عبارة عن مثلثين، وكانت هذه البداية، قبل أن يحتل المثلث الأول متساوي الساقين مساحة المعرض، ويستوعب المثلث الثاني المكاتب الإدراية ومكتبة ومركزاً للدراسة والبحوث الفنية.

ولكن المثلث الأول متساوي الساقين -وبغض النظر عما يضم- استطاع توحيد المبنى ككل بأرضياته الرخامية وأطره الفولاذية وملاقفه الزجاجية، كما وقد تكررت هذه الزوايا الحادة والمنفرجة في مصاعد المبنى مسدسية الشكل وفي طاولات المكاتب على شكل شبه منحرف.

أما وبغرض التوحيد بصرياً ما بين المبنى الغربي ذي الطابع الكلاسيكي الجديد الذي يتسم بالتوازن والتماثل، وبين المبنى الشرقي الذي تطغى عليه ملامح الفن الحديث، قام Pei بتنفيذ الجزء الخارجي من مبناه باستخدام الرخام الوردي المستخدم مسبقاً في المبنى الآخر، بينما قام بمزج الغبار الناجم عن اقتطاع هذا الرخام بالإسمنت واستخدام التركيبة الناتجة ذات اللون الرائع لإكساء الجدران الداخلية.

ونصل إلى عامل التوحيد الثاني ونقصد الربط المحوري الفعال، حيث ارتأى Pei بأن يتم رصف المدخل الرئيسي للمبنى الشرقي على طول المحور الغربي-الشرقي من المبنى الغربي، وكانت النتيجة ظهور ساحة مفتوحة بين المبنيين، الأمر الذي ساعد أيضاً على تشكيل انتقالٍ من خلال بعض العناصر مثل أحجار الرصف الرخامية والأهرامات الزجاجية التي تشير إلى إطار السقف في المبنى الشرقي، حيث أصبحت هذه الأهرامات الزجاجية منذ ذلك الحين ترتبط باسم المتاحف التي صممها I.M. Pei فيما بعد.

وأخيراً فقد تعمد Pei أن تكون المساحات الداخلية مفتوحة على ردهة كبيرة رغبةً منه بجذب أنظار الزوار إلى جميع أنحاء المبنى دون الشعور بوطأة الكتلة، وعلى الرغم من أنه أراد إعادة خلق الخطوط ذات الحواف الصلبة في الخارج والتصميم الثلاثي، لم يغفل معمارنا عن ضرورة التخفيف من حدة هذه الخطوط لترغيب الزوار، حيث ساهمت المزروعات الكبيرة الدائرية المزدانة بأشجار اللبخ بكبح جماح هذه الحواف وخلق شعور بالتوازن في الردهة الكبيرة.

إقرأ ايضًا