منزل “ما بين الصنوبر” صلة وصل بين الحياة المنزلية والأرض

10

يبدو منزل Casa de los Pinos أو “منزل ما بين الصنوبر” في مدينة مرسية الاسبانية، كصلة وصلٍ ما بين الحياة المنزلية والأرض، فهو ليس مجرد منزلٍ لقضاء الإجازة ولكنه منزلٌ للاستخدام اليومي، ولذلك نرى المساحة كلها أعدت مسبقاً ليتمتع بها السكان مع كل يومٍ جديد.

فقد تعمد فريق العمل المعماري في شركة XPIRAL بزعامة المعماري Javier Peña Galiano بشكلٍ أساسي إقحام المنطقة السفلية في الجبل، لتحضن الاستخدامات التي تتطلب بالكاد ضوء الشمس، كما وتعتبر هذه المنطقة ممر الوصول الرئيسي إلى الطابق العلوي.

وبين هذه المنطقة والأرض المقابلة، ساهم ظل المنطقة العلوية البارزة بتشكيل بقعة خارجية نائية تشغل ممراً للسيارات، من جهةٍ أخرى يظهر الجزء العلوي على شكل مشبكٍ يتمسك بالصخرة، إذ يسمح هذا الجزء المعلّق بخلق واجهةٍ جنوبية وشرقية في تجويفه، الأمر الذي يفسح المجال أمام أشعة الشمس والنسائم المنعشة بالدخول إلى المساحة السكنية.

أما بالحديث عن ساحة المنزل، فإنها تعطي أقصى قدر من الانفتاح بين الداخل والخارج، وذلك طبعاً دون غياب الخصوصية، في حين تظهر جدران “منزل ما بين الصنوبر” شفافة بالكامل، ولذلك وأثناء الليل، وعندما تُطفئ الأضواء، تصبح كافة مساحات المنزل مساحةً واحدة.

علاوةً على ذلك، اتبع معماريو المنزل استراتيجية ذكية تقضي بتخزين معدات التركيب في إحدى التجاويف الخارجية، بحيث يمكن الوصول إليها بسهولة بغرض القيام بإجراءات الصيانة في الخارج، وبهذه الطريقة يمكنك أن ترى كافة المواد بدون أي تعديل من الاسمنت إلى الطين المعالج حرارياً، في حين يقوم الفولاذ بتغطية كل شيء وكأنه حجاب، إنه يحمي ساكني المنزل من العوامل المناخية، ويفسح في الوقت نفسه المجال لاختيار المشهد الذي يريده المرء دوناً عن غيره.

يكشف المنزل عن أكثر من ذلك بكثير، ففي أكثر المناطق تعرضاً للشمس، يوجد هنالك غرفة لأخذ حمامٍ شمسي ومسبح، حيث يمكن الاستمتاع بأشعة الشمس إلى جانب الإطلالة الرائعة، وفي المقابل يقوم السقف بحجب المكان عن مرأى الجيران، ويأخذنا فقط نحو الأفق والوديان والجبال.

نصل إلى قضية الاستدامة، ونذكر هنا أن معماريو المنزل قد استفادوا من العلاقة الخاصة التي تربطه مع الموقع، الأمر الذي سمح بخلق واجهات مفتوحة وبأفضل الاتجاهات نحو الجنوب والشرق، كما وساهمت هندسة المنزل بتأمين مساحة تغلب عليها النسائم المنعشة والمظللة بنفس الوقت بفعل المنطقة العلوية البارزة، حيث يمكن للمرء الاستمتاع بجوٍ رائع حتى في أكثر الأيام حرارة.

وكون المنزل يقع في هذه البقعة بالذات، يمكننا أن نرى الغابة نفسها على أنها حديقة المنزل، إذ قام القائمون على تصميم المنزل باقتراحٍ من شأنه الحفاظ على خضرة المكان، والذي يتلخص بزراعة نفس عدد الأشجار التي تم اقتطاعها لبناء المنزل من جديد، بمجرد الانتهاء من العمل، كما وتم إحياء الخضروات من خلال زرع البذور المائية بالإضافة إلى البذور الأصلية، مما سمح بنثر الأنواع النباتية الطبيعية في كل مكان.

وفي نفس السياق، قام معماريو “منزل ما بين الصنوبر” باستخدام المواد التي تربط ما بين المنزل والبيئة، إذ تمت إعادة استخدام الصخور الموجودة في الموقع كمادةٍ خام لصنع الجدران الاستنادية الحجرية، بينما تمت الاستعانة بالغطاء النباتي كمادة بناء، حيث نلاحظ وقد تم صنع الأرصفة الخارجية من الخشب بالكامل، وأخيراً فقد نجح فريق العمل في XPIRAL بإقحام بعض المواد “عالية التقنية” مثل ألواح Robertson العازلة أو المرآة الحرارية الزجاجية أو الطين المعالج حرارياً، بهدف إدارة الأداء الحيوي على النحو الأمثل.

ختاماً نصل إلى نظام البناء الخاص بالمنزل، فقد تم ترشيح أشعة الشمس عبر نظامٍ من الشرائح المتحركة وبالاستعانة بفئةٍ محددة من الزجاج ألا وهي “المرآة الحرارية”، من جهةٍ أخرى فقد تم تجهيز النوافذ بحواجز من القضبان المتصالبة لضمان التهوية والإضاءة المستمرة مع إحراز أدنى درجات تسرب التدفئة والتبريد الصادرة عن أجهزة التكييف في الداخل، وأخيراً فقد ساهمت الكسوة الفريدة بألواح Robertson إلى جانب التجويف التي تخيم عليه النسائم المنعشة، وكأنه حزام الأمان للمنزل، بالحفاظ على درجة حرارة الداخل مستقرة دائماً وأبداً.

إقرأ ايضًا