حضانة على ذوق أطفال النمسا

4

لم تكن متطلبات الزبون هذه المرة صعبة المنال، فقد أراد مالكو هذه الحضانة وباختصارٍ شديد ست صفوف يتسع كل واحدٍ منها لخمسة وعشرين طالباً ممن تتراوح أعمارهم بين السنتين والست سنوات، فضلاً عن قاعتين للياقة البدنية وأخرى للتسلية وأخرى للعب، وتقع هذه الحضانة على طول إحدى الشوارع الضيقة في النمسا بجوار مجموعة من المنازل السكنية حول إحدى المنحدرات الجنوبية.

أما ولزيادة مساحة الحديقة والحفاظ على شجرة الزان القديمة، كان على معماري Syntax دفع المبنى الجديد قدر الإمكان باتجاه الشارع في الجهة الشمالية، وربطه مع المبنى المجاور القائم مسبقاً، لذا كان لابد من تشييد المبنى على المنحدر ليستفيد الطابق الأرضي ما أمكن من أشعة الشمس الوافرة القادمة من الجنوب.

وبالحديث عن الضوء والإضاءة، فقد ساهمت المناور بإضاءة المدخل والممر المفتوح على واحدةٍ من غرف اللعب، الأمر الذي ساهم بخلق مساحة واسعة متعددة الاستخدامات، في المقابل كان لابد من التخفيف من وطأة المبنى الجديد ليتلاءم والمبنى القديم المجاور، وذلك من خلال تقطيع خطوط الواجهات والسقف.

من جهةٍ أخرى طالب مالكو الحضانة بتخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون ما أمكن، لذا قام فريق العمل في Syntax باختيار مواد بناء خالية من هذا العنصر المؤذي من الناحية البيئية، وهو ما يظهر جلياً بالنظر إلى كتلة المبنى المصنوعة بالكامل من الخشب، ويستمر ظهور الخشب في الداخل، وتحديداً في الأرضيات، فقد تم صنعها من الخشب غير المعالج أيضاً.

في المقابل تم رصف قاعات اللعب بأرضية مطاطية لسلامة وأمن الصغار، كما وتم تزويد هذه القاعات وغيرها من أقسام المبنى بنظامٍ فريد للتهوية والتدفئة أيضاً، ناهيك عن الألواح الشمسية لتدفئة المياه، ولكن هذه التقنيات لم تكن سوى إضافة على هندسة القاعات الأكثر من رائعة، وأبداً لم تأتي لتلغيها.

فقد تم رصف الغرف المتجهة نحو الجنوب بشكلٍ متعرج، الأمر الذي سمح بإطلالة مختلفة كل مرة على الخارج، حيث الحديقة تندمج والمبنى، وكنتيجة، سوف يتابع الصغار تقلبات المناخ والفصول عن قرب، فضلاً عن أراضي القرية وبرج الكنيسة ومجموعات الأطفال تلعب في الجوار، وهنا يسترعينا بروز الشرفة والسقف عن كتلة المبنى، وبذلك يمكن للصغار اللعب في الخارج حتى في الأيام الممطرة.

لقد نجح فريق Syntax بجعل قاعات الدراسة مميزة عن تلك الخاصة بالتسلية واللعب، فبينما تم تخطيط الأخيرة على نحوٍ مستطيل، فإن الأولى تحظى بتصميمٍ حر وأشكالٍ مختلفة، ومن الملفت للانتباه في هذا التصميم، قدرة الصغار على مشاهدة أقرانهم في الصفوف المجاورة عبر التراس أو الشرفة، وزيارة بعضهم البعض بسهولة بمجرد اجتياز الأبواب التي تربط بين هذه الصفوف.

وأخيراً فإن هذا التصميم الحر واندماج المساحات مختلفة الأشكال مع المساحة الخارجية كان إحدى أولويات معلمي الحضانة، إيماناً منهم بأن لهذا التصميم دوناً عن غيره قدرة على جعل الأطفال مستقلين بأنفسهم، فلصغار هذه المدرسة الحرية في زيارة بزملائهم أو اللعب في الحديقة وبالتالي تطوير العلاقات الاجتماعية فيما بينهم.

إقرأ ايضًا