سر معماري وراء شهرة مدينة الجامعات البوليفية سوكريه

1

لطالما تزينت مدينة سوكريه في بوليفيا بالمساحات العامة والصروح المعمارية والمجموعات العمرانية التي تؤكد جميعها على حضور ونشاط الطلاب في المدينة بأكملها كونها مدينة تقوم بشكلٍ أساسي على الجامعات التي تحتضنها، وهو الأمر الذي أعطاها فردية خاصة أطلقت عليها اسم “آلهة المكان” أو genius loci.

وبناءً عليه كان تحري هذه الروح الخاصة للمدينة الدافع الأساسي الذي وجّه عملية تصميم الحرم الجامعي في مرحلة التخطيط العام، حيث كان معماريو G/CdR على يقينٍ تام بأن المشروع يجب أن يكون أكثر من مجرد مجموعة من الأبنية المبعثرة في منطقة خضراء، إذ عليه أن يجسد كياناً متكاملاً ومتجانساً من خلال تتبع الخطوط الإرشادية العمرانية للموقع.

وهكذا تمثلت استراتيجيات التقاط روح المكان باعتناق العمارة المحلية وتبنّي علاقتها مع سياقها العمراني، فتم تصميم المناطق الخضراء على هيئة منتزه يمثل جزءاً من التركيب العمراني للحرم، فهو ليس مجرد مساحة محيطة بمباني المشروع، ولكن نظام متكامل يحتضن طرق المركبات والمشاة ومساحات الاستراحة والمساحات الفاصلة بين الأبنية إلى جانب نقاط العلام في الحرم ومساحات التجمع والالتقاء.

قام معماريو G/CdR Arquitectos بتصميم الأبنية مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إحيائها لملامح العمارة المحلية كاستراتيجيةٍ للتوصل إلى مجموعة أبنية تتضافر بشكلٍ وثيق مع ثقافة المكان.

ولكن ومع ذلك، للتوصل إلى مشروعٍ يتمتع بنقاط قوةٍ خاصة به وجب عليهم تفادي أي القيام بأية عملية تقليد لعمارة وجمالية النماذج التاريخية، إذ على التصميم أن يستخدم لغات ومصادر معاصرة مناقضة تماماً لتلك.

قاعات المحاضرات: تم توزيع مجموعة الأبنية على قاعدة نظام من الأفنية تزينها ممرات وشرفات تطل على المساحات الداخلية، أما عن قاعات المحاضرات فتشكل إعادة تفسيرٍ رسمية للنظام الفراغي الذي تم تطبيقه في المدن الأمريكية اللاتينية منذ أن تم تأسيسها.

وهكذا وبفضل القوة الجمعية التي تمتلكها هذه العناصر؛ أي الأفنية والممرات والشرفات، توصل فريق التصميم لإمكانية سبغ الأبنية بروح المكان.

الإضاءة: يتوضح البحث عن نمطٍ معماري يحيي السياق الثقافي للمكان في ضرورة إنشاء جدران كبيرة عريضة وبيضاء تزينها نوافذ وفتحات قليلة، وللتوصل إلى هذه الصورة مع تحقيق متطلبات الإنارة الأساسية للبرنامج المعماري جاءت النتيجة بتطبيق حلّين:

أولاً توزيع الأبنية حول مجموعةٍ من الأفنية والملاقف، الأمر الذي يوفر للأبنية تنوعاً في الحجم المطلوب بالمقارنة مع المناطق الخارجية من الحرم، مع التوصل لروح وشخصية المكان المرغوبة.

أما عن برج المكتبة ذي القوة العظيمة الموحية، فيذكرنا بالعناصر البارزة في كنائس سوكريه. كما يبرز ظفرٌ بستة أمتار معلق على ارتفاعٍ يزيد على 12 متر على قمة الطابق، ليشكل نافذة فريدة تم تخصيصها لتأمل سلاسل كورديلا لوس الجبلية الخلابة المتربعة غرب المدينة.

فإن كانت كل جامعات سوكريه على هذا القدر من الإبداع المعماري، فبكل تأكيد لم يعد سر شهرتها الواسعة كمدينة للجامعات أمراً غامضاً بعد الآن.

إقرأ ايضًا