رئةٌ تزودك بالأوكسجين لممارسة الرياضة الصحية

6

لا يخفى على أحدٍ أن الفنان العالمي ليوناردو دافنشي في كلٍ مشروعٍ أنجزه, سواء كان بناءً أو نموذج طائرة قد اعتمد على الجسد البشري كمصدر إلهامٍ أساسيٍّ له. وهنا في مشروع اليوم يمكن اعتبار هذه الصالة الرياضية الواقعة في ضاحية سيستو فيورينتين قرب فلورنسا في إيطاليا, تكريماً لروح دافنشي وعبقريته. حيث قامت شركة فابيو كاباني المعمارية بتبني هذا المشروع, وعملت على تغطية الجدران الخارجية للصالة بألواحٍ من النحاس ليبدو المبنى أشبه بألياف عضلية. فبفضل عملية التركيب التي لم يتخللها مسامير بقيت الألواح حرة قابلةً للتمدد والتحرك حسب خواص النحاس الأساسية.

لقد تم تجميع الصفائح على كتلةٍ شبكيةٍ مصنوعةٍ من الحديد المطلي بالزنك المكسو بصفائح من الخشب بحيث يحدد انحناؤها تموج الأشرطة النحاسية, التي تم تركيبها بمفصلاتٍ بسيطة بعيداً عن استخدام المسامير أو أي أداة تثبيت أخرى, بهدف إعطائها الحرية اللازمة لها للتمدد تبعاً لمبدأ التمدد الحراري. وبهذه الطريقة يصبح المبنى كأنه جزءٌ عضويٌّ يتعايش مع الفصول كأي عنصرٍ طبيعيٍّ آخر.

من الجدير ذكره أن البناء قد جاء ليقدم خدمات كصالة رياضية لمدرسة البلدة الموجودة سابقاً, ولكن مشروع الصالة الرياضية هذا قد جاء كبناءٍ مستقلٍ يمكن الوصول إليه من قِبل مستخدمين خاصين, حيث تم تصميم المساحة إلى كتلتين بسيطتين متعامدتين، تعمّد المعماريون تصميمها كوحداتٍ مسبقة الصنع منخفضة التكلفة. فالكتلة الرئيسية والتي تم تخصيصها للنشاطات الرياضية فقد تم صنعها من الإسمنت سابق الشد, بحيث تبدو أشبه بهنغارات الطائرات الصناعية التي قد يجدها المرء في مدينة سيستو فيورينتين, بينما تم إكساء الكتلة الصغيرة بالترافيرتين, لتكون مخصصة لغرف تبديل الملابس والمنافع.

بإمكاننا القول أن هندسة المكان تعتبر بسيطةً إلى حدٍ ما, فكلا القسمين يتمتعان بشكلٍ مستطيليٍّ في المسقط, يربطهما ممرٌ يمكّن من الوصول إلى غرفٍ متنوعة. وهكذا فإن بساطة هندسة المساحات الداخلية تناقض التنوع والتعقيد الطاغي على المواد المستعملة في الكسوة الخارجية, بشكلٍ يحدد أهمية وقيمة المشروع على الرغم من صغر حجمه.

من الواضح أن اختيار النحاس في المساحات الخارجية قد أعطى للمبنى شكلاً يشبه رئةً كبيرة, وذلك بسبب مرونة المعدن الذي أعطى الشكل العام للمبنى. فهذه الرئة قادرة على التنفس وعلى جعل المساحة المحيطة تتنفس أيضاً, ليشير هذا المعنى المجازي للتنفس إلى هدف المبنى المتمثّل في ممارسة الرياضة، وليكون بذلك اسم المشروع أيضاً متطابقاً مع معناه، فكلمة “لا فونتي” تعني “المصدر”، وهذه الصالة الرياضية هي مصدر للإلهام وللطاقة وللتنفس أيضاً.

إقرأ ايضًا