مركز جديد للجالية اليهودية في ألمانيا

6

هل يُعقل أن المجتمعات اليهودية لاتزال تحلم بدولة يهودية حتى الآن على الرغم من محاولات الاضطهاد التي تعرضت لها مراراً وتكراراً حسب روايتها، إذ يحكى بأن تلك المجتمعات وعلى الرغم من تفوقها على شعوبٍ أخرى مثل شعب ماينتس في ألمانيا، لم تفلح بتأسيس مجتمعٍ يهودي كما أرادت، فما كان منها الآن وبعد أن خبت أحقادها سوى تصميم مركز للجالية اليهودية في تلك المدينة الألمانية التي كانت يوماً ما مركزاً رئيساً للتعليم الديني اليهودي.

فلطالما اعتقد اليهود هناك بأن ماينتس قد حصّلت تلك المكانة على أكتاف الحاخامات مثل جرشوم بن يهوذا (960-1040) الذي أثرت تعاليمه وتشريعاته القانونية على اليهودية الشيء الكثير، ولا عجب أن جرشوم حصل على لقب “ضوء الشتات” في إشارة إلى اليهود المشتتون في العالم، ولكنهم في المقابل -أي اليهود- لم يتعرضوا سوى لمزيدٍ من الظلم والاضهاد في تلك المدينة!

هاهم اليوم يعودون لرد اعتبارهم في المدينة ذاتها حيث تمثل ماينتس الأمل في المستقبل بعد أن كانت لأكثر من ألف عام تعتبر رمزاً لدمار ثقافة اليهود، من جهةٍ أخرى، وبعد زيادة أعداد المهاجرين اليهود إلى ماينتس من جمهوريات الاتحاد السوفياتي من خمسة وسبعين عائلة يهودية إلى ست أضعاف، لم تعد المساحات الموجودة في مبنىً سكنيٍ صغير قادرة على استيعاب الأنشطة الدينية والاجتماعية والثقافية المتزايدة مع تزايد أعداد المهاجرين.

لذا كان لابد من تصميم مبنىً جديد ليضم الكنيس اليهودي، ويخدم أيضاً بمثابة مركزٍ اجتماعي على أنقاض الموقع السابق، ولكن في المقابل كان على المبنى الجديد أن يندمج ما أمكن والحي السكني المجاور العائد لأواخر القرن التاسع عشر، ولم يجد فريق مانويل هيرتز من حلٍّ سوى رصف كتلة المبنى بالتوازي مع أبنية الحي الحالية، ومن ثم توجيه الجزء الذي يضم الكنيس باتجاه ساحتين عامتين في الشرق لجعل المبنى أقرب إلى أشكال تلك المباني، وهو أمرٌ غير مألوف في تصميم المباني الدينية.

هنا تجدر بنا الإشارة إلى قيام فريق العمل بصياغة كتلة المبنى الخارجية من أحرف كلمة عبرية تعني “البرَكة”، في الوقت الذي تم فيه رصف مجموعة من الأحرف العبرية على الجدران الداخلية للكنيس، لتتحول تلك الأحرف بعض الأحيان لتصيغ شعراً من بعض القصائد التي خطّها الحاخامات في القرن العاشر، وليتم أخيراً إكساء المبنى بأحجارٍ خضراء سيراميكية تارةً، وزجاجية تارةً أخرى.

أما ولاستقطاب أكبر عدد من الزوار فقد قام فريق العمل بحشر حديقة داخلية، خاصة بالجماعات اليهودية طبعاً، للاسترخاء والاحتفال، بالإضافة إلى ساحة عامة أمام المدخل الرئيس متجهة مباشرة نحو مركز المدينة في محاولةٍ لخلق فسحة بين المركز وبين الحي المجاور وتعزيز التفاعل بين من جديد بين اليهود وبين أهالي ماينتس.

ويسترعينا هنا غياب أي نوعٍ من الحواجز، وهو ما يعني بأن الساحة الداخلية في المركز أصبحت مساحة عامة حقيقية تعج بالأنشطة اليومية من قبل العامة، وهو أمرٌ نادر الحدوث في المباني الدينية في ألمانيا وخاصة في الكنيس اليهودي.

إقرأ ايضًا